وَالسُّنْبُلُ بَعْدَ الْحَصَادِ إِذَا جَمَعَهُ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً، وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْفَعَةٌ آجَرَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ بَاعَهَا إِنْ كَانَ أَصْلَحَ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ حَبْسُهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ النَّفَقَةَ، فَإِنِ امْتَنَعَ بِيعَتْ فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ وَقَبْلَ الْحَبْسِ لَا، وَلَيْسَ فِي رَدِّ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ وَالصَّبِيِّ الْحُرِّ شَيْءٌ وَاجِبٌ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الِانْتِفَاعُ بِهِ.
قَالَ: (وَالسُّنْبُلُ بَعْدَ الْحَصَادِ إِذَا جَمَعَهُ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً) بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ النَّاسِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَنْ أَلْقَى شَاةً مَيْتَةً فَجَاءَ آخَرُ فَأَخَذَ صُوفَهَا وَجِلْدَهَا وَدَبَغَهُ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ أَخْذُ الصُّوفِ وَالْجِلْدِ وَعَلَيْهِ مَا زَادَ الدَّبَّاغُ كَالْغَاصِبِ.
غَرِيبٌ مَاتَ فِي دَارِ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَخَلَّفَ مَالًا وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَقِيرٌ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ.
قَالَ: (وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ) ; لِأَنَّهُ مَالٌ يُتَوَهَّمُ ضَيَاعُهُ فَيُسْتَحَبُّ أَخْذُهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ، وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: " مَا لَكَ وَلَهَا عَلَيْهَا حِذَاؤُهَا وَمَعَهَا سِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ» . «وَسُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَالَ: " هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ» فَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَانَ الْخَوْفُ مِنَ الِافْتِرَاسِ لَا مِنْ أَخْذِ النَّاسِ ; أَمَّا الْيَوْمُ كَثُرَ الْفَسَادُ وَالْخِيَانَةُ وَقِلَّةُ الْأَدْيَانِ وَالْأَمَانَةِ فَكَانَ أَخْذُهُ أَوْلَى.
قَالَ: (وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى مَالِكِهَا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي فَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِلْمَالِكِ. قَالَ: (فَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْفَعَةٌ آجَرَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا) ; لِأَنَّ فِيهِ بَقَاءَ الْمِلْكِ عَلَى مَالِكِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ دَيْنٌ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْآبِقِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ بَاعَهَا إِنْ كَانَ أَصْلَحَ) ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا أَمَرَ بِذَلِكَ وَجَعَلَهَا دَيْنًا عَلَى مَالِكِهَا ; لِأَنَّ وِلَايَتَهُ نَظَرِيَّةٌ. وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً رَجَاءَ مَجِيءِ صَاحِبِهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَبِيعُهَا لِئَلَّا تَسْتَأْصِلَهَا النَّفَقَةُ فَلَا نَظَرَ حِينَئِذٍ فِي حَقِّهِ.
قَالَ: (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ حَبْسُهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ النَّفَقَةَ) ; لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ هَالِكًا مَعْنًى وَقَدْ أَحْيَاهُ بِنَفَقَتِهِ فَصَارَ كَالْبَائِعِ (فَإِنِ امْتَنَعَ بِيعَتْ فِي النَّفَقَةِ) كَالرَّهْنِ ; لِأَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي كَأَمْرِهِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَحَبَسَهَا بِأَمْرِهِ (فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ) كَالرَّهْنِ (وَقَبْلَ الْحَبْسِ لَا) ; لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ.
قَالَ: (وَلَيْسَ فِي رَدِّ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ وَالصَّبِيِّ الْحُرِّ شَيْءٌ وَاجِبٌ) ; لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الرَّدِّ فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ شَيْئًا فَحَسَنٌ، بِخِلَافِ الْآبِقِ لِأَنَّ جَعْلَهُ وَاجِبٌ نَصًّا لَا قِيَاسًا. وَعَنِ الْكَرْخِيِّ فِي اللُّقَطَةِ: إِذَا قَالَ مَنْ وَجَدَهَا فَلَهُ كَذَا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute