وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ (س) ، وَإِنْ حُكِمَ بِهِ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَجْعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ (س) أَبَدًا، وَيَجُوزُ وَقْفُ الْعَقَارِ، وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُولِ (س) ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ جَوَازُ وَقْفِ مَا جَرَى فِيهِ التَّعَامُلُ كَالْفَأْسِ وَالْقَدُومِ وَالْمِنْشَارِ وَالْقُدُورِ وَالْجِنَازَةِ وَالْمَصَاحِفِ وَالْكُتُبِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ. قَالَ الْخَصَّافُ: ذِكْرُ الْوَقْفِ ذِكْرُ التَّأْبِيدِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَاصِمٍ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَقْوَى لِمُقَارَبَةٍ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ إِذْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَقْرَبُ إِلَى مُوَافَقَةِ الْآثَارِ، وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَثَرِ وَلِأَنَّ الْقَبْضَ عِنْدَهُ شَرْطٌ، وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ (وَإِنْ حُكِمَ بِهِ جَازَ) بِالْإِجْمَاعِ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ طَلَبَ الشَّرِيكُ الْقِسْمَةَ يُقَسَّمُ ; لِأَنَّهَا إِفْرَازٌ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، إِلَّا أَنَّا غَلَّبْنَا جِهَةَ الْإِفْرَازِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ غَيْرَ الْوَاقِفِ يُقَاسِمُهُ ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يُقَاسِمُهُ الْقَاضِي لِئَلَّا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ لِلْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا لِلْوَقْفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ مِنَ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْوَقْفِ وَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يَجُوزُ مَعَ الشُّيُوعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارًا بِالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ، وَلَا يَجُوزُ الشُّيُوعُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تُنَافِي الْخُلُوصَ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَالتَّهَايُؤُ فِيهَا قَبِيحٌ بِأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ يَوْمًا وَيَسْكُنَ يَوْمًا وَيَدْفِنَ فِيهِ شَهْرًا وَيَزْرَعَ شَهْرًا، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنَ الْوُقُوفِ لِأَنَّ الِاسْتِغْلَالَ مُمْكِنٌ غَيْرُ مُسْتَبْشَعٍ.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَجْعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا) ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِجِهَةٍ تَنْقَطِعُ. وَلَهُمَا أَنَّ مُوجِبَهُ زَوَالُ الْمِلْكِ بِدُونِ التَّمْلِيكِ وَذَلِكَ بِالتَّأْبِيدِ كَالْعِتْقِ، فَإِذَا لَمْ يَتَأَبَّدْ لَمْ يَتَوَفَّرْ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ وَلِهَذَا يُبْطِلُهُ التَّوْقِيتُ كَمَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ. ثُمَّ قِيلَ: التَّأْبِيدُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا اشْتَرَطَ ذِكْرَهُ ; لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ بِالْمَنْفَعَةِ أَوْ بِالْغَلَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ مُؤَقَّتًا وَيَكُونُ مُؤَبَّدًا كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّأْبِيدُ إِلَّا بِالتَّنْصِيصِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْفِ يُنْبِئُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ.
قَالَ: (وَيَجُوزُ وَقْفُ الْعَقَارِ) لِمَا مَرَّ مِنَ النُّصُوصِ وَالْآثَارِ (وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُولِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِذَا وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأَكَرَتِهَا وَهُمْ عَبِيدُهُ جَازَ لِلتَّبَعِيَّةِ وَكَذَلِكَ وَقْفُ الدُّولَابِ وَمَعَهُ سَانِيَتُهُ وَعَلَيْهَا حَبْلٌ وَدَلْوٌ. وَلَوْ وَقَفَ بَيْتًا فِيهِ كُوَّارَةُ عَسَلٍ جَازَ وَصَارَ النَّحْلُ تَابِعًا لِلْعَسَلِ. وَلَوْ وَقَفَ دَارًا فِيهَا حَمَّامٌ صَارَ الْحَمَّامُ تَبَعًا لَهُ، وَهَذَا لِأَنَّ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا يَثْبُتُ تَبَعًا وَلَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا كَالشِّرْبِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ فِي الشُّفْعَةِ.
(وَعَنْ مُحَمَّدٍ جَوَازُ وَقْفِ مَا جَرَى فِيهِ التَّعَامُلُ كَالْفَأْسِ وَالْقَدُومِ وَالْمِنْشَارِ وَالْقُدُورِ وَالْجِنَازَةِ وَالْمَصَاحِفِ وَالْكُتُبِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute