وَإِنْ سَمَّيَا مُدَّةً لَا تَخْرُجُ الثَّمَرَةُ فِي مِثْلِهَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ دَفَعَ نَخْلًا أَوْ أَصُولَ رَطْبَةٍ؛ لِيَقُومَ عَلَيْهَا، وَأَطْلَقَ - لَا يَجُوزُ فِي الرَّطْبَةِ إِلَّا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ. وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ إِذَا كَانَتْ تَزِيدُ بِالسَّقْيِ وَالْعَمَلِ وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
أَمَّا إِذَا دَفَعَهَا وَقَدْ نَبَتَتْ، أَوْ دَفَعَ الْبَذْرَ؛ لِيَبْذُرَهُ - فَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُ جَزِّهَا مَعْلُومًا جَازَ. وَيَقَعُ عَلَى الْجِزَّةِ الْأُولَى كَالثَّمَرَةِ فِي الشَّجَرِ. وَلَوْ دَفَعَ غَرْسَ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ قَدْ عَلِقَ، وَلَمْ تَبْلُغِ الثَّمَرَةُ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ، وَالْخَارِجُ نِصْفَانِ - فَهِيَ فَاسِدَةٌ؛ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِقُوَّةِ الْأَرْضِ وَضَعْفِهَا، وَلَا يَدْرِي مَتَى تَحْمِلُ. فَإِنْ سَمَّيَا مُدَّةً يُعْلَمُ أَنَّهَا تُثْمِرُ فِيهِ جَازَ.
قَالَ: (وَإِنْ سَمَّيَا مُدَّةً لَا تَخْرُجُ الثَّمَرَةُ فِي مِثْلِهَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ) ؛ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ، وَهِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ. وَإِنَّ شَرَطَا وَقْتًا قَدْ تُدْرِكُ الثَّمَرَةُ فِيهِ، وَقَدْ تَتَأَخَّرُ عَنْهُ - فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ. فَإِنْ أَدْرَكَتْ فِيهِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً، وَإِنْ لَمْ تُدْرِكْ فَفَاسِدَةٌ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ.
وَكَذَلِكَ إِنْ أَخْرَجَتْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَا لَا يَرْغَبُ فِيهِ، وَإِنْ أَحَاكَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا - فَهِيَ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ خُرُوجُ الثَّمَرَةِ مَوْهُومًا انْعَقَدَتْ مَوْقُوفَةً فَلَا تَنْقَلِبُ فَاسِدَةً.
قَالَ: (وَإِنْ دَفَعَ نَخْلًا أَوْ أُصُولَ رَطْبَةٍ؛ لِيَقُومَ عَلَيْهَا، وَأَطْلَقَ - لَا يَجُوزُ فِي الرَّطْبَةِ إِلَّا بِمُدَّةِ مَعْلُومَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ ; لِأَنَّهَا تَنْمُو مَا تُرِكَتْ فِي الْأَرْضِ فَجُهِلَتِ الْمُدَّةُ، وَمَعْنَاهُ إِذَا لَمْ يُعْلَمُ وَقْتُ جَوَازِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ: (وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ) ؛ لِأَنَّ لِعَمَلِهِ تَأْثِيرًا فِي نَمَائِهِ وَجَوْدَتِهِ؛ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ فِي الْكُلِّ. وَأَهْلُ خَيْبَرَ كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الْأَشْجَارِ وَالرِّطَابِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ (إِذَا كَانَتْ تَزِيدُ بِالسَّقْيِ وَالْعَمَلِ) كَالطَّلْعِ وَالْبَلَحِ وَالْبُسْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْئًا مِنَ الْخَارِجِ. حَتَّى لَوْ دَفَعَهَا، وَقَدِ انْتَهَتِ الثَّمَرَةُ فِي الْعَظْمِ، وَلَا تَزِيدُ بِعَمَلِهِ - لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ. وَمَتَى فَسَدَتِ الْمُسَاقَاةُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَعَلَى هَذَا الزَّرْعِ إِنْ دَفَعَهُ، وَهُوَ بَقْلٌ - جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَحْصَدَ لَا يَجُوزُ.
قَالَ: (وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَقَدْ مَرَّ. فَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ، وَالْخَارِجُ بُسْرٌ - فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ حَتَّى تُدْرِكَ الثَّمَرَةُ. وَإِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ أَرَادَ الْعَامِلُ قَطْعَهُ، وَإِدْخَالَ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ - فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ؛ إِمَّا أَنْ يُقَسِّمُوا الْبُسْرَ عَلَى الشَّرْطِ، أَوْ يُعْطُوهُ قَيمَةَ نَصِيبِهِ بُسْرًا، أَوْ يُنْفِقُوا عَلَى الْبُسْرِ، وَيَرْجِعُوا بِهِ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِمْ، وَدَفْعُهُ مُتَعَيِّنٌ بِمَا ذَكَرْنَا.
وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا مَقَامَهُ، وَإِنْ كَرِهَ رَبُّ الْأَرْضِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَانِبَيْنِ. وَإِنْ أَرَادُوا قَطْعَهُ بُسْرًا فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْخِيَارَاتُ الثَّلَاثُ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَإِنْ مَاتَا فَوَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ كَالْمُوَرِّثِ. وَنَظِيرُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ إِذَا مَاتَ الْمُزَارِعُ وَقَدْ نَبَتَ الزَّرْعُ