للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَلَهَا عَشَرَةٌ (ز) . وَمَنْ سَمَّى مَهْرًا لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُهُ. وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا - فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَالْمُتْعَةُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَلَا تَجِبُ إِلَّا لِهَذِهِ، وَتُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سِوَاهَا. وَالْمُتْعَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِحَالِهِ، وَلَا تُزَادُ عَلَى قَدْرِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَمَا ثَبَتَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يَدْخُلُهُ التَّقْدِيرُ كَالزَّكَاةِ.

قَالَ: (فَإِنْ سَمَّى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَلَهَا عَشَرَةٌ) ، وَقَالَ زُفَرُ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا، فَصَارَ كَعَدَمِ التَّسْمِيَةِ. وَلَنَا: أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ، فَتَسْمِيَتُهُ بَعْضُهُ كَتَسْمِيَتِهِ كُلِّهِ كَالطَّلْقَةِ. وَكَمَا إِذَا تَزَوَّجَ نِصْفَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَهُ إِظْهَارًا لِخَطَرِ النِّكَاحِ، وَلَا يَظْهَرُ بِأَصْلِ الْمَالِ؛ لِتَنَاوُلِهِ الْحَقِيرَ مِنْهُ. وَمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ تَوَلَّى بَيَانَ مِقْدَارِهِ كَالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهَا حَطَّتْ عَنْهُ مَا تَمْلِكُهُ وَمَا لَا تَمْلِكُهُ، فَيَسْقُطُ مَا تَمْلِكُهُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَلَا يَسْقُطُ مَا لَا تَمْلِكُهُ وَهُوَ تَمَامُ الْعَشَرَةِ، كَمَا إِذَا أَسْقَطَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً.

قَالَ: (وَمَنْ سَمَّى مَهْرًا لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ) ، أَمَّا الدُّخُولُ فَلِأَنَّهُ تَحَقَّقَ بِهِ تَسْلِيمُ الْمُبْدَلِ، وَبِالْمَوْتِ يَتَقَرَّرُ النِّكَاحُ بِانْتِهَائِهِ، فَيَجِبُ الْبَدَلُ.

(وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُهُ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] .

قَالَ: (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا - فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَالْمُتْعَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحَّ، فَيَجِبُ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ. وَالْمَهْرُ وَجَبَ حَقًّا لِلشَّرْعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَالْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ، فَيُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، بِخِلَافِ حَالَةِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ. فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَدْ رَضِيَتْ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَقَدْ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمَهْرُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ» .

وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ» ، وَقَدْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَمَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا وُجُوبُ الْمُتْعَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] .

قَالَ: (وَلَا تَجِبُ إِلَّا لِهَذِهِ) ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَهِيَ خَلَفٌ عَنْهُ، فَلَا تَجْتَمِعُ مَعَ الْأَصْلِ فِي حَقِّ غَيْرِهَا. وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ.

(وَتُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سِوَاهَا) ، قَالَ: (وَالْمُتْعَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ) ، هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. (يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِحَالِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] (وَلَا تُزَادُ عَلَى قَدْرِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي سُمِّيَ فِيهِ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَقْوَى أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ لَا يَجِبُ فِي الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>