وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا - فَلَهَا ذَلِكَ (سم) إِنْ كَانَا عَيْنَيْنِ، وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْخَمْرِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْخِنْزِيرِ. وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَجُوسِيُّ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ مَحَارِمِهِ.
وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ. وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا. وَالْكِتَابِيُّ خَيْرٌ مِنَ الْمَجُوسِيِّ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بِخِلَافِ الْعِدَّةِ مِنَ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهَا. وَحَالَةُ الْمُرَافَعَةِ أَوِ الْإِسْلَامِ حَالَةُ الْبَقَاءِ، وَالْعِدَّةُ لَا تُنَافِيهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا حَالَةَ الْبَقَاءِ.
قَالَ: (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا - فَلَهَا ذَلِكَ إِنْ كَانَا عَيْنَيْنِ، وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْخَمْرِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْخِنْزِيرِ) . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْحَالَيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْقِيمَةُ فِيهِمَا. لَهُمَا: أَنَّ الْمِلْكَ يَتَأَكَّدُ بِالْقَبْضِ، فَأَشْبَهَ الْعَقْدَ. وَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ مِنْهُ، فَصَارَا كَمَا إِذَا كَانَا دِينَيْنِ.
وَإِذَا امْتَنَعَ الْقَبْضُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَكَذَا عِنْدَ الْقَبْضِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ، وَعَجَزَ عَنِ التَّسْلِيمِ بِالْإِسْلَامِ، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ كَمَا إِذَا كَانَ عَبْدًا فَهَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمِلْكَ تَمَّ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فِي الْمُعَيَّنِ حَتَّى جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَبِالْقَبْضِ يَنْتَقِلُ إِلَى ضَمَانِهَا مِنْ ضَمَانِهِ، وَالْإِسْلَامُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ ذَلِكَ كَاسْتِرْدَادِ الْخَمْرِ الْمَغْصُوبِ، وَخَمْرِ الْمُكَاتَبِ الذِّمِّيِّ إِذَا عَجَزَ، وَالْمَأْذُونِ إِذَا حُجِرَ عَلَيْهِ. وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ إِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ، وَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ مِنْهُ. وَإِذَا امْتَنَعَ الْقَبْضُ فَالْخَمْرُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْخِنْزِيرُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مَقَامَهُ فَلَا يَجِبُ، فَتَعَيَّنَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْخَمْرِ ; لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَهَا.
قَالَ: (وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَجُوسِيُّ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ مَحَارِمِهِ) ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ إِذَا طَرَأَتْ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ تُبْطِلُهُ، وَلِأَنَّهَا تُنَافِي بَقَاءَ النِّكَاحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعِدَّةُ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُفَرَّقُ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: ٤٢] ، وَلِأَنَّ مُرَافَعَةَ أَحَدِهِمَا لَا يُبْطِلُ حَقَّ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا اتَّفَقَا حَيْثُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ؛ لِمَا تَلَوْنَا، وَلِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِحُكْمِنَا فَيَلْزَمُهُمَا.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ) بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ النِّكَاحِ مَصَالِحُهُ، وَلَا تُوجَدُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ، وَالْمُرْتَدَّةُ تُحْبَسُ. أَوْ نَقُولُ: لَا مِلَّةَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُقَرَّانِ عَلَى مَا انْتَقَلَا إِلَيْهِ.
وَيَجُوزُ نِكَاحُ النَّصْرَانِيِّ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْيَهُودِيَّةَ، وَالْيَهُودِيِّ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ وَالْمَجُوسِيِّ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَا كَفَاءَةَ بَيْنَ أَهْلِ الْكُفْرِ.
قَالَ: (وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا) نَظَرًا لَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا كَانَ مُسْلِمًا. وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا، وَلَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ - صَارَ مُسْلِمًا. (وَالْكِتَابِيُّ خَيْرٌ مِنَ الْمَجُوسِيِّ) حَتَّى يَجُوزَ أَكْلُ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ