. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
شِئْتِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: لَا وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: لَسْتَ لِي بِزَوْجٍ، فَقَالَ الزَّوْجُ: صَدَقْتِ وَنَوَى الطَّلَاقَ.
وَكَذَا قَوْلُهُ: لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، أَوْ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، أَوْ لَسْتُ لَكِ بِزَوْجٍ، أَوْ مَا أَنَا لَكِ بِزَوْجٍ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ، وَقَالَا: لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ كَذِبٌ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى. وَلَهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بِالْإِضْمَارِ تَقْدِيرُهُ: لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ لِأَنِّي طَلَّقْتُكِ، وَإِذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ وَنَوَاهُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ آخَرُ: هَلِ امْرَأَتُكَ إِلَّا طَالِقٌ؟ فَقَالَ الزَّوْجُ: لَا، طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ: نَعَمْ، لَا تَطْلُقُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: نَعَمْ مَعْنَاهُ نَعَمْ، امْرَأَتِي غَيْرُ طَالِقٍ، وَقَوْلُهُ: لَا، مَعْنَاهُ لَيْسَ امْرَأَتِي إِلَّا طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: قُولِي أَنَا طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُولَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِنْشَاءِ.
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: قُلْ لِامْرَأَتِي إِنَّهَا طَالِقٌ طَلُقَتْ قَالَ أَوْ لَمْ يَقُلْ، لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْإِخْبَارِ وَأَنَّهُ يَسْتَدْعِي سَبْقَ الْمُخْبَرِ بِهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ آخَرُ: إِنْ لَمْ تَقْضِ حَقِّي الْيَوْمَ فَامْرَأَتُكَ طَالِقٌ، قَالَ: نَعَمْ. وَأَرَادَ جَوَابَهُ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ، لِأَنَّ الْجَوَابَ يَسْتَدْعِي إِعَادَةَ السُّؤَالِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَم، امْرَأَتِي طَالِقٌ إِنْ لَمْ أَقْضِ حَقَّكَ.
وَلَوْ قَالَ لَهَا: اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي، وَقَالَ: نَوَيْتُ وَاحِدَةً صُدِّقَ دِيَانَةً وَيَقَعُ ثَلَاثًا فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ بِالثَّانِيَةِ الْعِدَّةَ صُدِّقَ قَضَاءً، وَلَوْ قَالَ: نَوَيْتُ بِالْأُولَى طَلَاقًا وَلَمْ أَنْوِ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ شَيْئًا فَهِيَ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُمَا فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَتَتَعَيَّنُ لَهُ.
وَمِنَ الْكِنَايَاتِ الْكِتَابَةُ، فَإِذَا كَتَبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فِي كِتَابٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ عَلَى حَائِطٍ أَوْ أَرْضٍ لَا يَقَعُ إِلَّا بِنِيَّةٍ. وَأَصْلُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ حُرُوفٌ مَنْظُومَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَعَانٍ مَفْهُومَةٍ كَالْكَلَامِ، وَكُتُبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَتْ مَقَامَ قَوْلِهِ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى وَجَبَ عَلَى كُلِّ ممنْ بَلَغَتْهُ، فَنَقُولُ: إِذَا كَتَبَ مَا لَا يَسْتَبِينُ أَوْ كَتَبَ فِي الْهَوَاءِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَبِينُ فِي الْكِتَابَةِ كَالْمَجْمَجَةِ وَالْكَلَامِ الْغَيْرِ الْمَفْهُومِ.
وَإِذَا كَتَبَ مَا يَسْتَبِينُ فَلَا يَخْلُو إِمَّا إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُخَاطَبَةِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْمُخَاطَبَةِ مِثْلَ أَنْ يَكْتُبَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ. فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ كَالْكِتَابَةِ مَعَ الصَّرِيحِ، وَإِنْ كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ وَالرِّسَالَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: يَا فُلَانَةُ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِذَا وَصَلَ إِلَيْكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ مَا نَوَى لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِيهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَقَعَ لِلْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِأَنْ كَتَبَ: إِذَا جَاءَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا، لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْوُقُوعَ بِشَرْطٍ فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ، كَمَا إِذَا عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ، فَإِنْ وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى أَبِيهَا فَمَزَّقَهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ فِي أُمُورِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ كَالْوُصُولِ إِلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ فِي أُمُورِهَا لَا يَقَعُ وَإِنْ أَخْبَرَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute