للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قَالَ لَهَا: إِذَا وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ مِنْ بَطْنٍ أُخْرَى فَهِيَ رَجْعَةٌ، وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ تَتَشَوَّفُ وَتَتَزَيَّنُ وَيُسْتَحَبُّ لِزَوْجِهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَى يُؤْذِنَهَا، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ الْمُبَانَةَ بِدُونِ الثَّلَاثِ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا، وَالْمُبَانَةُ بِالثَّلَاثِ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ نِكَاحًا صَحِيحًا، وَيَدْخُلُ بِهَا ثُمَّ تَبِينُ مِنْهُ، وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا بِوَطْءِ الْمَوْلَى. وَالشَّرْطُ هُوَ الْإِيلَاجُ دُونَ الْإِنْزَالِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِنَاءٌ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُبْدَلِ لَا عَلَى قَبْضِهِ.

قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لَهَا: إِذَا وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ مِنْ بَطْنٍ أُخْرَى فَهِيَ رَجْعَةٌ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ، وَالْوَلَدُ الْآخَرُ يَكُونُ مِنْ عُلُوقٍ آخَرَ فِي الْعِدَّةِ حَمْلًا لِحَالِهِمَا عَلَى الصَّلَاحِ فَيَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالْوَطْءِ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

قَالَ: (وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ تَتَشَوَّفُ وَتَتَزَيَّنُ) لِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَالرَّجْعَةُ مُسْتَحَبَّةُ وَالزِّينَةُ حَامِلَةٌ عَلَيْهَا فَتَجُوزُ.

(وَيُسْتَحَبُّ لِزَوْجِهَا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا) إِذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الرَّجْعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ نَظَرُهُ عَلَيْهَا وَهِيَ مُتَجَرِّدَةٌ فَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَطُولُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ.

قَالَ: (وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ الْمُبَانَةَ بِدُونِ الثَّلَاثِ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا) لِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ بَاقٍ إِذْ زَوَالُهُ بِالثَّالِثَةِ وَلَمْ تُوجَدْ، وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ فِي الْعِدَّةِ تَحَرُّزًا عَنِ اشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي حَقِّهِ.

(وَالْمُبَانَةُ بِالثَّلَاثِ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ نِكَاحًا صَحِيحًا وَيَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ تَبِينَ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: ٢٣٠] يَعْنِي الثَّالِثَةَ، {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] ، وَالنِّكَاحُ الْمُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ يَنْصَرِفُ إِلَى الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: ٢٣٠] يَقْتَضِي الدُّخُولَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النِّكَاحَ الشَّرْعِيَّ هُوَ الْوَطْءُ، وَلِقَوْلِهِ (زَوْجًا) وَنِكَاحُ الزَّوْجِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْوَطْءِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ: «أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ الْقُرَظِيِّ كَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا رِفَاعَةَ بْنِ وَهْبٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» . وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إِحْرَامٍ لِحُصُولِ الدُّخُولِ.

(وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا بِوَطْءِ الْمَوْلَى) لِأَنَّ الشَّرْطَ نِكَاحُ زَوْجٍ غَيْرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ، (وَالشَّرْطُ هُوَ الْإِيلَاجُ دُونَ الْإِنْزَالِ) لِحُصُولِ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ، وَالْحَدِيثُ وَرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>