وَإِنْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ شَهْرَيْنِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَهُوَ مُولٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ سَنَةً إِلَّا يَوْمًا فَلَيْسَ بِمُولٍ (ز) .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَحِلِّ الْوَطْءِ فِي الْأُولَى عَلَى مَا بَيَّنَّا دُونَ الثَّانِيَةِ، فَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ نِسَائِهِمْ دُونَ الثَّانِيَةِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ، أَوْ زَوْجَتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً لَا يَصِيرُ مُولِيًا مَا لَمْ يَقْرَبِ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ أَمَتَهُ، فَإِذَا قَرَبَهَا صَارَ مُولِيًا، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا بِالْكَفَّارَةِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: لَا أَقْرَبُ إِحْدَاكُمَا لَا يَكُونُ مُولِيًا كَمَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، فَإِنْ قَرَبَ إِحْدَاهُمَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ لِلْحِنْثِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: لَا أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُمَا كَانَ مُولِيًا مِنِ امْرَأَتِهِ، لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي النَّفْيِ تَعُمُّ، وَلَوْ قَرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ نَوَى الْإِيلَاءَ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَنَوَى الْيَمِينَ يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكِنَايَةِ، وَلَوْ آلَى مِنِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَشْرَكْتُكِ فِي إِيلَاءِ هَذِهِ، لَا يَصِيرُ مُولِيًا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، لِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَكَا فِي الْإِيلَاءِ يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ بِقُرْبَانِ الْأُولَى وَحْدَهَا، وَإِذَا صَحَّ الِاشْتِرَاكُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ مَا لَمْ يَقْرَبْهُمَا، وَلَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُ الْيَمِينِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَلَا كَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ.
وَعَنِ الْكَرْخِيِّ: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا، لِأَنَّ إِثْبَاتَ الشَّرِكَةِ هُنَا لَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ الْيَمِينِ وَهُوَ إِثْبَاتُ الْحُرْمَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، وَيُلْزِمُهُ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةً، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا لِأَنَّهُ إِيلَاءٌ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِقُرْبَانِهِمَا، وَإِذَا آلَى الْعَبْدُ مِنِ امْرَأَتِهِ فَمَلَكَتْهُ لَا يَبْقَى الْإِيلَاءُ، فَلَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَعْتَقَتْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَادَ الْإِيلَاءُ كَمَا إِذَا حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إِنْ وَطِئَهَا فَبَاعَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ عَادَ الْإِيلَاءُ.
وَلَوْ قَالَ: إِنْ قَرَبْتُكِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حُرٌّ فَهُوَ مُولٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يُلْزِمُهُ بِأَنْ يَقْرَبَهَا وَلَا يَتَمَلَّكُ مَمْلُوكًا أَصْلًا. وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنْ جَمِيعِ أَسْبَابِ التَّمْلِيكَاتِ كَالْإِرْثِ، إِذْ فِي الِامْتِنَاعِ عَنِ الْجَمِيعِ مَشَقَّةٌ وَمَضَرَّةٌ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، وَعَلَى هَذَا إِذَا عَلَّقَ وَطْأَهَا بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ يُلْزِمُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يَطَأَهَا. وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يُوصَلُ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِالْحِنْثِ غَالِبًا أَوْ بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ مَشَقَّةٌ أَيْضًا.
(وَإِنْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ شَهْرَيْنِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَهُوَ مُولٍ) لِأَنَّ الْجَمْعَ بِحِرَفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَلَوْ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا يَكُونُ مُولِيًا، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ حِينَ حَلَفَ فَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَقْتٌ لَيْسَ مُولِيًا فِيهِ فَلَمْ تُوجَدْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ سَنَةً إِلَّا يَوْمًا فَلَيْسَ بِمُولٍ)