للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ بِمَعْصِيَةٍ كَالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَلَهَا النَّفَقَةُ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَ ارْتَدَّتْ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ، وَإِنْ مَكَّنَتِ ابْنَ زَوْجِهَا لَمْ تَسْقُطْ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَتَوَهَّمُ أَنِّي حَامِلٌ وَلَمْ أَحِضْ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، يَعْنِي أَنَّهَا مُمْتَدَّةُ الطُّهْرِ وَطَلَبَتِ النَّفَقَةَ - فَلَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي حَدِّ الْإِيَاسِ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ، فَإِذَا دَخَلَتْ فِي حَدِّ الْإِيَاسِ اسْتَأْنَفَتِ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ.

قَالَ: (وَلَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا) لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِحَقِّ الشَّرْعِ لَا لِلزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْحَيْضُ الَّذِي تُعْرَفُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَالْحَمْلُ الَّذِي هُوَ حَقُّهُ، وَلِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إِلَى الْوَرَثَةِ فَلَا تَجِبُ فِي مَالِهِمْ.

قَالَ: (وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ بِمَعْصِيَةٍ كَالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَإِنْ كَانَتِ) الْفُرْقَةُ (مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَلَهَا النَّفَقَةُ بِكُلِّ حَالٍ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ صِلَةٌ عَلَى مَا مَرَّ، وَبِعِصْيَانِ الزَّوْجِ لَا تُحْرَمُ مِنَ النَّفَقَةِ وَتُحْرَمُ بِعِصْيَانِهَا مُجَازَاةً وَعُقُوبَةً، وَلِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَارَتْ كَالنَّاشِزَةِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا بِحَقٍّ وَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِاللِّعَانِ أَوِ الْإِيلَاءِ أَوْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوِ الْخَلْوَةِ لَهَا النَّفَقَةُ لِمَا بَيَّنَّا، وَإِذَا طُلِّقَتِ الْأَمَةُ الْمُبَوَّأَةُ لَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ، فَإِنِ اسْتَخْدَمَهَا الْمَوْلَى سَقَطَتْ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَالْأَمَةُ إِذَا لَمْ يُبَوِّئْهَا الْمَوْلَى بَيْتًا إِلَّا النَّاشِزَةَ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ فِي حَقِّهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ إِذَا لَمْ تَطْلُبْ نَفَقَتَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا سَقَطَتْ كَالْمَنْكُوحَةِ.

(وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّتْ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ) لِأَنَّهَا صَارَتْ مَحْبُوسَةً فِي حَقِّ الشَّرْعِ، وَهَذَا إِذَا خَرَجَتْ مَنْ بَيْتِ الزَّوْجِ لِلْحَبْسِ، وَمَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، (وَإِنْ مَكَّنَتِ ابْنَ زَوْجِهَا لَمْ تَسْقُطْ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَلَا أَثَرَ لِلتَّمْكِينِ فِي ذَلِكَ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مَحْبُوسَةٌ فِي حَقِّهِ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا بِالتَّمْكِينِ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَلَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ صَالَحَ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ إِنْ كَانَتْ بِالشُّهُورِ جَازَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْحَيْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةُ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ مَجْهُولَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>