. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتِقَهُ كُلَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ، وَلِأَنَّ نَصِيبَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنَ الْعَبْدِ لِمَا بَيَّنَّا، فَإِذَا اسْتَسْعَى فَوَلَاءُ نَصِيبِهِ لَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ.
وَالرَّابِعُ لَهُ أَنْ يُدَبِّرَ أَوْ يُكَاتِبَ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ فِيهِ كَانَ قَابِلًا لِلتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ نَوْعُ إِعْتَاقٍ وَالْكِتَابَةَ اسْتِسْعَاءٌ مُنَجَّمٌ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ أَيْضًا، وَفِي حَالَةِ الْإِعْسَارِ إِنْ شَاءَ السَّاكِتُ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوِ اسْتَسْعَى لِمَا بَيَّنَّا، وَالْوَلَاءُ لَهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِأَنَّهَا عِتْقٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُبْتَنَى عَلَى تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ، فَلَمَّا كَانَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ تَفَرَّعَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا لَمْ يَتَجَزَّأْ عِنْدَهُمَا عَتَقَ كُلُّهُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يَتَعَيَّنُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا تَعَذَّرَ ضَمَانُهُ فَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ مُحْتَبَسَةٌ عِنْدَهُ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِمَا يُؤَدِّي بِإِجْمَاعٍ بَيْنَنَا، لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ حَصَلَتْ لِلْعَبْدِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَوْلَى فَكَانَ ضَمَانًا بِعِوَضٍ حَصَلَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ يَسْعَى لِفِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْحَقْهُ شَيْءٌ. وَلَهُمَا أَيْضًا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ إِنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَسْعَى الْعَبْدُ» قُسِمَ وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ.
وَيُعْتَبَرُ الْإِعْسَارُ وَالْيَسَارُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَعْسَرَ لَا يَبْطُلُ التَّضْمِينُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَأَيْسَرَ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِنَفْسِ الْعِتْقِ فَلَا يَتَغَيَّرُ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ يُحَكَّمُ الْحَالُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخُصُومَةِ وَالْعِتْقِ مُدَّةٌ تَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَحْوَالُ، فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا يُقَوَّمُ لِلْحَالِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْإِعْتَاقُ سَابِقًا عَلَى الِاخْتِلَافِ فَالْقَوْلُ لَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ وَوَقْتِ الْإِعْتَاقِ يُحْكَمُ بِالْعِتْقِ لِلْحَالِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَوِ اخْتَلَفَ الْعَبْدُ وَالسَّاكِتُ فِي الْقِيمَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ إِلَّا التَّضْمِينُ، لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالسِّعَايَةَ فَاتَا بِالْمَوْتِ، فَإِذَا ضَمِنَ رَجَعَ الْمُعْتِقُ عَلَى كَسْبِ الْعَبْدِ إِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ.
وَلَوْ كَانَ الْمُعَتَقُ مُعْسِرًا فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يَرْجِعَ فِي أَكْسَابِهِ لِأَنَّ السِّعَايَةَ تَجِبُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ الْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ فِي تَرِكَتِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، لِأَنَّ ضَمَانَ التَّمْلِيكِ لَا يَخْتَلِفُ بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَلَوْ مَاتَ السَّاكِتُ فَلِلْوَرَثَةِ أَحَدُ الِاخْتِيَارَاتِ، فَإِنِ اخْتَارَ بَعْضُهُمُ الْعِتْقَ وَبَعْضُهُمُ الضَّمَانَ فَلَهُمْ ذَلِكَ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَى أَحَدِهِمَا. أَعْتَقَ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَشَرِيكُهُ عَبْدٌ مَأْذُونٌ إِنْ كَانَ مَدْيُونًا فَلَهُ خِيَارُ التَّضْمِينِ أَوِ السِّعَايَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute