وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهَا، وَإِنِ ادَّعَيَاهُ مَعًا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ عُقْرِهَا، وَيَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَابْنٍ، وَيَرِثَانِ مِنْهُ كَأَبٍ وَاحِدٍ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَهَذَا عِنْدَهُمَا ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَنَصِيبُهُ يَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْمِلْكِ فَيُكَمَّلُ لَهُ فَيَصِيرُ الْكُلُّ أُمَّ وَلَدٍ، (وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا) لِأَنَّهُ تَمَلَّكَهُ، (وَ) عَلَيْهِ (نِصْفُ عُقْرِهَا) لِوَطْئِهِ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً لِأَنَّ الْمِلْكَ يَتَعَقَّبُ الِاسْتِيلَادَ حُكْمًا لَهُ، (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهَا) لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَلَمْ يَنْعَلِقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ.
قَالَ: (وَإِنِ ادَّعَيَاهُ مَعًا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا) لِصِحَّةِ دَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ فِي الْوَلَدِ، وَالِاسْتِيلَادُ يَتْبَعُ الْوَلَدَ (وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ: " لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ بَيَّنَا لَبُيِّنَ لَهُمَا، هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا "، وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَمِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا، وَلِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الْمِلْكُ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. وَمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ الْمُدْلِجِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَفَرَحِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قُلْنَا: لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِ الْقَائِفِ، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَكِنِ الْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ، فَكَانَ قَوْلُ الْقَائِفِ قَاطِعًا لِطَعْنِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا أَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَلِذَلِكَ فَرِحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا كَوْنُ النَّسَبِ لَا يَتَجَزَّأُ فَتَعَلَّقَ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَجَزِّئَةٌ، فَمَا لَا يَتَجَزَّأُ يَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلاً، وَمَا يَقْبَلُهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمَا مُتَجَزِّئًا عَمَلًا بِالدَّلَائِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
(وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ عُقْرِهَا) وَيَسْقُطُ قِصَاصًا بِمَا لَهُ عَلَى الْآخَرِ، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي قَبْضِهِ وَإِعْطَائِهِ (وَيَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَابْنٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِمِيرَاثِ ابْنٍ، (وَيَرِثَانِ مِنْهُ كَأَبٍ وَاحِدٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا إِذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ بَيْنَ أَبٍ وَابْنٍ فَهُوَ لِلْأَبِ تَرْجِيحًا لِجَانِبِهِ لِمَا لَهُ مِنَ الْحَقِّ فِي نَصِيبِ الِابْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِ تَرْجِيحًا لِلْإِسْلَامِ. وَقَالَ زُفَرُ: هُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمِلْكِ الْمُوجِبِ. قُلْنَا: دَعْوَةُ الْأَبِ رَاجِحَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ الِابْنِ يَصِحُّ وَبِالْعَكْسِ لَا، وَالْمُسْلِمُ رَاجِحٌ بِالْإِسْلَامِ وَلِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلصَّغِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute