للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا الْمُفْتَرِضُ بِمَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ (ف) . وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ (م) بِالْمُتَيَمِّمِ، وَالْغَاسِلِ بِالْمَاسِحِ، وَالْقَائِمِ (م) بِالْقَاعِدِ، وَالْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ. وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ إِمَامَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَعَادَ (ف) وَيَجُوزُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى إِمَامِهِ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» أَيْ ضَامِنٍ بِصَلَاتِهِ صَلَاةَ الْمُؤْتَمِّ، وَبِنَاءُ النَّاقِصِ عَلَى الْكَامِلِ يَجُوزُ، وَالْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الضَّعِيفَ لَا يَصْلُحُ أَسَاسًا لِلْقَوِيِّ، لِأَنَّهُ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ يَكُونُ بِنَاءً عَلَى الْمَعْدُومِ وَإِنَّهُ مُحَالٌ.

إِذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ: حَالُ الطَّاهِرِ أَقْوَى مِنْ حَالِ صَاحِبِ الْعُذْرِ، وَحَالُ الْقَارِئِ أَقْوَى مِنْ حَالِ الْأُمِّيِّ، وَحَالُ الْمُكْتَسِي أَقْوَى مِنْ حَالِ الْعُرْيَانِ، وَحَالُ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَقْوَى مِنْ حَالِ الْمُومِي، وَحَالُ الْمُفْتَرِضِ أَقْوَى مِنَ الْمُتَنَفِّلِ، فَلَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُمْ.

قَالَ: (وَلَا الْمُفْتَرِضُ بِمَنْ يُصَلِّي فَرْضًا آخَرَ) لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ مُشَارِكٌ لِلْإِمَامِ فَلَا بُدَّ مِنَ الِاتِّحَادِ، فَإِنْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئِينَ وَأُمِّيِّينَ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ; وَقَالَا: تَجُوزُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ بِحَالِهِ لِاسْتِوَائِهِمْ كَمَا إِذَا انْفَرَدُوا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَمِيعَ قَادِرُونَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِتَقْدِيمِ الْقَارِئِ، إِذْ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُمْ بِالْحَدِيثِ، فَقَدْ تَرَكُوا الْقِرَاءَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، وَعَلَى هَذَا الْعَاجِزُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ، قَالْوا: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَؤُمَّ غَيْرَهُ لِمَا بَيَّنَّا وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ ; فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ إِنْ كَانَ لَا يَجِدُ آيَاتٍ تَخْلُو عَنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ وَجَدَ وَقَرَأَ بِمَا فِيهِ تِلْكَ الْحُرُوفُ قِيلَ: يَجُوزُ كَالْأَخْرَسِ يُصَلِّي وَحْدَهُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ كَالْقَارِئِ إِذَا صَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، بِخِلَافِ الْأَخْرَسِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ إِمَامًا.

قَالَ: (وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ) .

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ كَطَهَارَةِ صَاحِبِ الْعُذْرِ. وَلَنَا مَا رُوِيَ: «أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ» . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، فَكَانَ اقْتِدَاءَ طَاهِرٍ بِطَاهِرٍ.

قَالَ: (وَالْغَاسِلِ بِالْمَاسِحِ) لِأَنَّ الْخُفَّ يَمْنَعُ وُصُولَ الْحَدَثِ إِلَى الرِّجْلِ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ الْحَدَثُ بِالْخُفِّ وَقَدِ ارْتَفَعَ بِالْمَسْحِ.

قَالَ: (وَالْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ) خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْقَائِمَ أَقْوَى حَالًا. وَلَنَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا قَاعِدًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ، وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ.

قَالَ: (وَالْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرَضِ) لِأَنَّهُ أَضْعَفُ حَالًا وَبِنَاءُ الْأَضْعَفِ عَلَى الْأَقْوَى جَائِزٌ، وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْمُفْتَرِضَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَإِلَى نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنَّهُ مَعْدُومٌ فِي الْمُتَنَفِّلِ.

قَالَ: (وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ إِمَامَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَعَادَ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ مُتَعَلِّقَةٌ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ سَهْوُ الْإِمَامِ، وَيَكْتَفِي بِقِرَاءَتِهِ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ ; وَإِذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِصَلَاتِهِ يَفْسُدُ بِفَسَادِهَا.

قَالَ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى إِمَامِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>