حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ يُعْتَبَرُ مِلْكُهُ يَوْمَ الْحِنْثِ لَا يَوْمَ الْحَلِفِ، وَكَذَا الثَّوْبُ وَالدَّارُ، وَلَوْ قَالَ: عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا، أَوْ دَارَهُ هَذِهِ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَفِي الصَّدِيقِ وَالزَوْجِ وَالزَّوْجَةِ يَحْنَثُ بَعْدَ الْمُعَادَاةِ وَالْفِرَاقِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَنِ الْإِرَادَةِ ضَرُورَةً.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ. يُعْتَبَرُ مِلْكُهُ يَوْمَ الْحِنْثِ لَا يَوْمَ الْحَلِفِ، وَكَذَا الثَّوْبُ وَالدَّارُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى مِلْكٍ مُضَافٍ إِلَى فُلَانٍ، فَإِذَا وُجِدَتِ الْإِضَافَةُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لِلْمَنْعِ عَنِ الْحِنْثِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتَ الْحِنْثِ (وَلَوْ قَالَ: عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ دَارَهُ هَذِهِ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ الْبَيْعِ) لِانْقِطَاعِ الْإِضَافَةِ، وَلَا تَعَادِيَ لِذَاتِهَا لِسُقُوطِ عِبْرَتِهَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَهَا لِلتَّشَاؤُمِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ.
(وَفِي الصَّدِيقِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ يَحْنَثُ بَعْدَ الْمُعَادَاةِ وَالْفِرَاقِ) لِأَنَّ الزَّوْجَةَ وَالصَّدِيقَ يُقْصَدَانِ بِالْهِجْرَةِ لِأَذًى مِنْ جِهَتِهِمَا، فَكَانَتِ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ وَكَانَتِ الْإِشَارَةُ أَوْلَى. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا، لِأَنَّ الْمَنْعَ قَدْ يَكُونُ لِعَيْنِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَالِكِهِ فَيَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِهِمَا، وَإِنْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ فِي الزَّوْجَةِ وَالصَّدِيقِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَنِثَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْمَانِعَ أَذًى مِنْ جِهَتِهِمَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ تَحْتَمِلُ التَّعْرِيفَ دُونَ الْهِجْرَانِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فَلَا يَحْنَثُ، وَيَحْتَمِلُ الْهِجْرَانَ فَيَحْنَثُ، فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَا صَدِيقٌ فَاسْتَحْدَثَ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.
حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ شَهْرًا أَوِ الْيَوْمَ سَنَةً، فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَتِلْكَ السَّنَةِ، لِأَنَّ الْيَوْمَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ شَهْرًا وَلَا سَنَةً، فَعَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً.
وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُكَ يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ فَهُوَ عَلَى سَبْتَيْنِ، لِأَنَّ يَوْمَ السَّبْتِ لَا يَدُورُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَا أُكَلِّمُكَ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَيْنِ كَانَ عَلَى سَبْتَيْنِ لِأَنَّ السَّبْتَ لَا يَكُونُ يَوْمَيْنِ فَكَانَ مُرَادُهُ سَبْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَانَتْ كُلُّهَا يَوْمَ السَّبْتِ لِمَا بَيَّنَّا.
حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ فَوُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ بِتَزْوِيجِهَا، لِأَنَّ الْيَمِينَ انْصَرَفَتْ إِلَى الْمَوْجُودِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: بِنْتًا لِفُلَانٍ، أَوْ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ.
حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إِخْوَةَ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْيَمِينِ لَا غَيْرُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ كَثِيرَةٌ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْ كُلَّهُمْ، وَلَوْ قَالَ: لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثِيَابَ فُلَانٍ حَنِثَ بِفِعْلِ ثَلَاثَةٍ مِمَّا سَمَّى إِلَّا إِذَا نَوَى الْكُلَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ إِضَافَةُ تَعْرِيفٍ فَتَعَلَّقَتِ الْيَمِينُ بِأَعْيَانِهِمْ، فَمَا لَمْ يُكَلِّمِ الْكُلَّ لَا يَحْنَثُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إِضَافَةُ مِلْكٍ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْهِجْرَانِ لِكَوْنِهَا جَمَادًا أَوْ لِخِسَّةِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْمَالِكُ فَتَنَاوَلَتِ الْيَمِينُ أَعْيَانًا مَنْسُوبَةً إِلَيْهِ وَقْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute