للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعِقْدُ اللُّؤْلُؤُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ حَتَّى يَكُونَ مُرَصَّعًا. حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَجَعَلَ عَلَيْهِ فِرَاشًا آخَرَ وَنَامَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ جَعَلَ قِرَامًا فَنَامَ حَنِثَ، وَالضَّرْبُ وَالْكَلَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالدُّخُولُ عَلَيْهِ يَتَقَيَّدُ بِحَالِ الْحَيَاةِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

تُلْبَسُ لِإِقَامَةِ السُّنَّةِ وَلِلْخَتْمِ لَا لِلتَّزَيُّنِ، وَالْحُلِيُّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الذَّهَبُ فَإِنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخَاتَمُ مِمَّا يَلْبَسُهُ النِّسَاءُ مِنَ الْحَجَرِ أَوِ الْفِضَّةِ قِيلَ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ، وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لِلرِّجَالِ وَلَا يَحِلُّ لَهُمُ التَّزَيُّنُ بِالْحُلِيِّ.

قَالَ: (وَالْعِقْدُ اللُّؤْلُؤُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ حَتَّى يَكُونَ مُرَصَّعًا) وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ الْعُرْفُ لَا الْحَقِيقَةُ، وَلَفْظُ الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: هُوَ حُلِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَصَّعًا لِأَنَّهُ حُلِيٌّ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ تَسْمِيَةِ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ صَارَ مُعْتَادًا فَهُوَ اخْتِلَافُ عَادَةٍ وَزَمَانٍ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلرَّجُلِ لُبْسُ الْعِقْدِ الْغَيْرِ الْمُرَصَّعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُلَيٍّ؛ وَلَوْ عَلَّقَتِ الْمَرْأَةُ فِي عُنُقِهَا ذَهَبًا غَيْرَ مَصْنُوعٍ لَا يَحْنَثُ، وَالْمَنْطِقَةُ الْمُفَضَّضَةُ وَالسَّيْفُ الْمُحَلَّى لَيْسَ بِحُلِيٍّ لِمَا مَرَّ.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَجَعَلَ عَلَيْهِ فِرَاشًا آخَرَ وَنَامَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ قِرَامًا فَنَامَ حَنِثَ) لِأَنَّ الْقِرَامَ تَبَعٌ لِلْفِرَاشِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِرَامُ ثَوْبًا طَبَرَيًّا وَالْفِرَاشُ دِيبَاجًا، يُقَالُ: نَامَ عَلَى فِرَاشِ دِيبَاجٍ، وَلَوْ كَانَ الْأَعْلَى دِيبَاجًا وَالْأَسْفَلُ خَزًّا يُقَالُ: نَامَ عَلَى الدِّيبَاجِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْفِرَاشِ أَيْضًا لِأَنَّهُ نَائِمٌ عَلَى الْفِرَاشَيْنَ حَقِيقَةً، وَصَارَ كَمَا إِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا فَكَلَّمَهُ وَآخَرَ بِخِطَابٍ وَاحِدٍ. جَوَابُهُ أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ، وَفِي الْعُرْفِ لَا يُنْسَبُ إِلَّا إِلَى الْأَعْلَى، وَفِي الْكَلَامِ هُوَ مُخَاطِبٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقِيقَةً وَعُرْفًا وَشَرْعًا وَالسَّرِيرُ وَالدُّكَّانُ وَالسَّطْحُ كَالْفِرَاشِ إِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ سَرِيرًا آخَرَ وَبَنَى عَلَى السَّطْحِ سَطْحًا آخَرَ فَنَامَ عَلَى الْأَعْلَى لَا يَحْنَثُ لِمَا بَيَّنَّا؛ وَإِنْ جَعَلَ عَلَى السَّرِيرِ أَوِ السَّطْحِ أَوِ الدُّكَّانِ بِسَاطًا أَوْ فِرَاشًا أَوْ نَحْوَهُ وَنَامَ عَلَيْهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَائِمًا عَلَى السَّطْحِ وَالسَّرِيرِ وَالدُّكَّانِ، وَمَتَى جَلَسَ عَلَى مَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِجَالِسٍ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَجْلِسَ عَلَى ثِيَابِهِ فَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ فَلَا يُعَدُّ حَائِلًا، وَلِهَذَا يُقَالُ هُوَ جَالِسٌ عَلَى الْأَرْضِ.

قَالَ: (وَالضَّرْبُ وَالْكَلَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالدُّخُولُ عَلَيْهِ يَتَقَيَّدُ بِحَالِ الْحَيَاةِ) لِأَنَّ الضَّرْبَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُؤْلِمُ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ الْإِفْهَامُ وَأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَيِّ، وَالْمُرَادُ بِالْكِسْوَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَلَا تَمْلِيكَ مِنَ الْمَيِّتِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ السَّتْرَ صَحَّ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ كَلَامَهُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَلِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الزِّيَارَةُ عُرْفًا فِي مَوْضِعٍ يَجْلِسُ فِيهِ لِلزِّيَارَةِ وَالتَّعْظِيمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِالدُّخُولِ بِأَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>