وَالرِّدْءُ وَالْمُقَاتِلُ فِي الْغَنِيمَةِ سَوَاءٌ وَإِذَا لَحِقَهُمْ مَدَدٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَارَكُوهُمْ فِيهَا، وَلَيْسَ لِلسُّوقَةِ سَهْمٌ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْغَنَائِمَ أَوْدَعَهَا الْغَانِمِينَ لِيُخْرِجُوهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ يَقْسِمُهَا، وَيَجُوزُ لِلْعَسْكَرِ أَنْ يَعْلِفُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَيَأْكُلُوا الطَّعَامَ، وَيَدَّهِنُوا بِالدُّهْنِ، وَيُقَاتِلُوا بِالسِّلَاحِ، وَيَرْكَبُوا الدَّوَابَّ، وَيَلْبَسُوا الثِّيَابَ إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
«أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَسَّمَ غَنَائِمَ خَيْبَرَ فِيهَا وَغَنَائِمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِيهَا» فَإِنَّهُ فَتَحَهَا وَصَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ قَسَّمَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ.
قَالَ: (وَالرِّدْءُ وَالْمُقَاتِلُ فِي الْغَنِيمَةِ سَوَاءٌ) لِاسْتِوَائِهِمْ فِي السَّبَبِ وَهُوَ الْمُجَاوَرَةُ أَوْ شُهُودُ الْوَقْعَةِ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلِأَنَّ إِرْهَابَ الْعَدُوِّ يَحْصُلُ بِالرَّدْءِ مِثْلَ الْمُقَاتِلِ أَوْ أَكْثَرُ فَقَدْ شَارَكُوا الْمُقَاتِلَةَ فِي السَّبَبِ فَيُشَارِكُونَهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ.
قَالَ: (وَإِذَا لَحِقَهُمْ مَدَدٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَارَكُوهُمْ فِيهَا) لِمَا مَرَّ. وَبِذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَإِنَّمَا تَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ إِمَّا بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ بِبَيْعِ الْإِمَامِ الْغَنِيمَةَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ انْقَطَعَتِ الشَّرِكَةُ، لِأَنَّ الْمِلْكَ يَسْتَقِرُّ بِهِ، وَاسْتِقْلَالُ الْمِلْكِ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ. وَلَوْ فَتَحَ الْعَسْكَرُ بَلَدًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَاسْتَظْهَرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ لَمْ يُشَارِكُوهُمْ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ فَصَارَتِ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُشَارِكُونَهُمْ.
قَالَ: (وَلَيْسَ لِلسُّوقَةِ سَهْمٌ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا) لِعَدَمِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِمْ، وَهُوَ الْمُجَاوَزَةُ بِقَصْدِ الْقِتَالِ فَيُعْتَبَرُ السَّبَبُ الْآخَرُ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْقِتَالِ، وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عِنْدَ الْقِتَالِ فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا، وَكَذَلِكَ التَّاجِرُ لِمَا بَيَّنَّا.
قَالَ: (فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْغَنَائِمَ أَوْدَعَهَا الْغَانِمِينَ لِيُخْرِجُوهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يُقَسِّمُهَا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْحَمْلِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ حَمُولَةٌ حَمَلَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْمَحْمُولَ وَالْحَمُولَةَ لَهُمْ؛ وَكَذَا إِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَضْلُ حَمُولَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَمَلَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مَالُ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَمَنْ كَانَ مِنَ الْغَانِمِينَ مَعَهُ فَضْلُ حَمُولَةٍ يَحْمِلُ عَلَيْهَا بِالْأَجْرِ بِطِيبَةِ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطِبْ لَا يَحْمِلْ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِمَالِ الْمُسْلِمِ إِلَّا بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ، هَذِهِ رِوَايَةُ السَّيْرِ الصَّغِيرِ، وَذَكَرَ فِي السَّيْرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَحَالَةُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ كَمَا إِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْمَفَازَةِ أَوْ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الزَّرْعِ بَقْلٌ تَنْعَقِدُ مُدَّةٌ أُخْرَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَكَذَا هَذَا، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ حَمُولَةً أَصْلًا ذَبَحَ وَأَحْرَقَ وَقَتَلَ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
قَالَ: (وَيَجُوزُ لِلْعَسْكَرِ أَنْ يَعْلِفُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَيَأْكُلُوا الطَّعَامَ، وَيَدَّهِنُوا بِالدُّهْنِ وَيُقَاتِلُوا بِالسِّلَاحِ، وَيَرْكَبُوا الدَّوَابَّ، وَيَلْبَسُوا الثِّيَابَ إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ) لِمَا «رَوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute