للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قُتِلَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ فَلِلْأَبِ أَوِ الْقَاضِي أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يُصَالِحَ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ، وَالْوَصِيُّ يُصَالِحُ لَا غَيْرَ، وَلَا قِصَاصَ فِي التَّخْنِيقِ وَالتَّغْرِيقِ (سم) ، وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ، وَيُقْتَلُ الْوَاحِدُ بِالْجَمَاعَةِ اكْتِفَاءً وَإِنْ قَتَلَهُ وَلِيُّ أَحَدِهِمْ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ، وَمَنْ رَمَى إِنْسَانًا عَمْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إِلَى آخَرَ وَمَاتَا فَالْأَوَّلُ عَمْدٌ وَالثَّانِي خَطَأٌ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مِنْهُ ثَابِتٌ فَافْتَرَقَا، وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا قِيلَ: يَسْتَوْفِي السُّلْطَانُ، وَقِيلَ: يَنْتَظِرُ بُلُوغُ أَحَدِهِمْ، وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ، وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ مَوْلَى عَلَيْهِ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الْكَبِيرُ كَانَ بَعْضُهُ أَصَالَةً وَبَعْضُهُ نِيَابَةً.

قَالَ: (وَإِذَا قُتِلَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ فَلِلْأَبِ أَوِ الْقَاضِي أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يُصَالِحَ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ، وَالْوَصِيُّ يُصَالِحُ لَا غَيْرُ) ، أَمَّا الْأَبُ فَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَى النَّفْسِ، وَهَذَا مِنْ بَابِهِ شُرِعَ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إِلَيْهَا وَهُوَ التَّشَفِّي فَيَثْبُتُ لَهُ التَّشَفِّي بِالْقَتْلِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَإِذَا ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَتْلَى ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلصَّبِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ لِأَنَّهُ إِبْطَالُ الْحَقِّ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَعَلَى هَذَا قَطْعُ يَدِ الْمَعْتُوهِ عَمْدًا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السُّلْطَانِ. وَمَنْ قُتِلَ وَلَا وَلِيَّ لَهُ فَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ، فَكَذَلِكَ الْقَاضِي، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى النَّفْسِ فَتَعَيَّنَ الصُّلْحُ صِيَانَةً لِلْحَقِّ عَنِ الْبُطْلَانِ.

قَالَ: (وَلَا قِصَاصَ فِي التَّخْنِيقِ وَالتَّغْرِيقِ) خِلَافًا لَهُمَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ، فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ سِيَاسَةً لِأَنَّهُ سَعَى فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ.

قَالَ: (وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ) لِمَا مَرَّ مِنَ الْعُمُومَاتِ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ سَبْعَةً مِنْ صَنْعَاءَ قَتَلُوا وَاحِدًا فَقَتَلَهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ: " لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ "، وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَطْعِ يَدٍ حَيْثُ لَا يُقْطَعُونَ ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ يَجِبُ بِإِزْهَاقِ الرُّوحِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ كَالْمُنْفَرِدِ فِي إِتْلَافِهَا. أَمَّا الْقَطْعُ يَتَبَعَّضُ، فَيَكُونُ الْوَاحِدُ مُتْلِفًا بَعْضَ الْيَدِ، وَلِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الْقَتْلِ أَكْثَرُ فَكَانَ شَرْعُ الزَّاجِرِ فِيهِ دَفْعًا لِأَغْلَبِ الْجِنَايَتَيْنِ وَأَعْظَمِهِمَا فَلَا يَلْزَمُ شَرْعُهُ لِدَفْعِ أَدْنَاهُمَا.

قَالَ: (وَيُقْتَلُ الْوَاحِدُ بِالْجَمَاعَةِ اكْتِفَاءً) وَصُورَتُهُ: رَجُلٌ قَتَلَ جَمَاعَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ ; لِأَنَّهُمْ إِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ وَزُهُوقَ الرُّوحِ لَا يَتَبَعَّضُ يَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُسْتَوْفِيًا جَمِيعَ حَقِّهِ لِمَا بَيَّنَّا، فَلَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَرْشِ (وَإِنْ قَتَلَهُ وَلِيُّ أَحَدِهِمْ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ) ; لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَقَدْ فَاتَ، وَصَارَ كَمَا إِذَا مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ كَذَا هَذَا وَصَارَ كَمَوْتِ الْعَبْدِ الْجَانِي.

قَالَ: (وَمَنْ رَمَى إِنْسَانًا عَمْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إِلَى آخَرَ وَمَاتَا فَالْأَوَّلُ عَمْدٌ) ; لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ رَمْيَهُ، وَفِيهِ الْقِصَاصُ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

(وَالثَّانِي خَطَأٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ فَكَانَ خَطَأً لِمَا مَرَّ. وَمَنْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَعَقَرَهُ سَبُعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>