وَغَيْرُ الْمُغَلَّظَةِ عِشْرُونَ ابْنُ مَخَاضٍ وَمِثْلُهَا بَنَاتُ مَخَاضٍ وَبَنَاتُ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ، أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ (سم) ، وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ ذَلِكَ، وَلَا تَغْلِيظَ إِلَّا فِي الْإِبِلِ، وَدِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ.
قَالَ: (وَغَيْرُ الْمُغَلَّظَةِ عِشْرُونَ ابْنُ مَخَاضٍ وَمِثْلُهَا بَنَاتُ مَخَاضٍ وَبَنَاتُ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) فَهِيَ أَخْمَاسٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عِشْرُونَ هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَضَى فِي قَتِيلٍ قُتِلَ خَطَأً بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ أَخْمَاسًا» كَمَا قُلْنَا، وَلِأَنَّ الْخَطَأَ أَخَفُّ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ فِي مُوجَبِهِ وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا.
قَالَ: (أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ، أَوْ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ) كُلُّ عَشَرَةٍ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ لِمَا رَوَى مَرَّارُ بْنُ حَارِثَةَ قَالَ: «قُطِعَتْ يَدٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى عَلَى الْقَاطِعِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» ، وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى فِي الدِّيَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمِنَ الدَّنَانِيرِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَرُوِيَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَضَى فِي قَتِيلٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» ، وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَضَى بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: كَانَ وَزْنُ سِتَّةٍ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا.
(وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ) وَقَالَا: تَجِبُ مِنَ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنَ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ وَمِنَ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، لِمَا رَوَى عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي الدِّيَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَمِنَ الدَّنَانِيرِ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَمِنَ الْإِبِلِ بِمِائَةٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ بِمِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمِنَ الْغَنَمِ بِأَلْفَيْ شَاةٍ، وَمِنَ الْحُلَلِ بِمِائَتَيْ حُلَّةٍ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدَّرَ الدِّيَةَ بِهَذِهِ الْمَقَادِيرِ ; لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَجِبَ مَا سِوَاهَا إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا دَلَّ عَلَى الذَهَبِ وَالْفِضَّةِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَضَائِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَ قَوْلِهِمَا، فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا صَالَحَ الْوَلِيُّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ أَوْ مِائَتَيْ حُلَّةٍ لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا آيَةُ التَّقْدِيرِ.
قَالَ: (وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ ذَلِكَ) هَكَذَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كَذَلِكَ أَيْضًا وَلِأَنَّهَا فِي الْمِيرَاثِ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الرَّجُلِ فَكَذَلِكَ الدِّيَةُ.
قَالَ: (وَلَا تَغْلِيظَ إِلَّا فِي الْإِبِلِ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدِ النَّصُّ بِالتَّغْلِيظِ إِلَّا فِيهَا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إِلَّا نَصًّا.
قَالَ: (وَدِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «دِيَةُ كُلِّ ذِي عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ» .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَضَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ بِمِثْلِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا قَبِلُوهَا فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» ، وَلِلْمُسْلِمِينَ إِذَا قُتِلَ قَتِيلُهُمْ أَلْفُ دِينَارٍ فَيَكُونُ لَهُمْ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ دِيَةُ الْمُسْتَأْمَنِ لِمَا «رَوَى