للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنَ الْأَرْشِ، وَبَعْدَ الْعِلْمِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْأَرْشِ، وَفِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِمَا وَمِنَ الْأَرْشِ، وَإِنْ عَادَ فَجَنَى وَقَدْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُشَارِكُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ فِيمَا أَخَذَ، وَإِنْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ الثَّانِي شَارَكَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ (سم) الْمَوْلَى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْأُولَى أَوْلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ.

قَالَ: (وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنَ الْأَرْشِ وَبَعْدَ الْعِلْمِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْأَرْشِ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي أَحَدِهِمَا، فَفِي الْأُولَى خِيَارُهُ بَاقٍ فَيَخْتَارُ الْأَقَلَّ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِمَا عَلِمَ فَقَدِ اخْتَارَ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّ بِالْعِتْقِ امْتَنَعَ الدَّفْعُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَالْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ ; لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الدَّفْعَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَانَ اخْتِيَارًا، وَلَوْ وَهَبَهُ لَا لَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ.

قَالَ: (وَفِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِمَا وَمِنَ الْأَرْشِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَضَى بِجِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ أَمِيرُ الشَّامِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَلِأَنَّ الْمَوْلَى صَارَ مَانِعًا مِنْ تَسْلِيمِهِ فِي الْجِنَايَةِ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لِلْفِدَاءِ فَصَارَ كَمَا إِذَا دَبَّرَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ غَيْرَ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَلَمْ يَتْلَفْ بِالتَّدْبِيرِ إِلَّا الرَّقَبَةُ.

قَالَ: (وَإِنْ عَادَ فَجَنَى وَقَدْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُشَارِكُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ فِيمَا أَخَذَ) لِأَنَّ جِنَايَاتِ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ لَا تُوجِبُ إِلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ إِلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً وَالضَّمَانُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنْعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَبَّرَهُ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ، وَلِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ كَدَفْعِ الْعَبْدِ، وَدَفْعَ الْعَبْدِ لَا يَتَكَرَّرُ فَكَذَا الْقِيمَةُ، وَيَتَضَارَبُونَ بِالْحِصَصِ فِي الْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ.

قَالَ: (وَإِنْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ الثَّانِي شَارَكَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ) وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى ; لِأَنَّهُ لَمَّا دَفَعَ لَمْ تَكُنِ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ مَوْجُودَةً فَقَدْ دَفَعَ الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَصَارَ كَمَا إِذَا دَفَعَهُ بِقَضَاءٍ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجِنَايَاتِ اسْتَنَدَ ضَمَانُهَا إِلَى التَّدْبِيرِ الَّذِي صَارَ الْمَوْلَى بِهِ مَانِعًا، فَكَأَنَّهُ دَبَّرَ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ جَمَاعَتِهِمْ بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا دَفَعَهَا بِقَضَاءٍ فَقَدْ زَالَتْ يَدُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا، وَإِنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَقَدْ سَلَّمَ إِلَى الْأَوَّلِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الثَّانِي، فَلِلثَّانِي أَنْ يَضْمَنَ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمَوْلَى ; لِأَنَّهُ جَنَى بِالدَّفْعِ إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ ظُلْمًا وَصَارَ كَالْوَصِيِّ إِذَا صَرَفَ التَّرِكَةَ إِلَى الْغُرَمَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ، فَإِنْ دَفَعَهُ بِقَضَاءٍ شَارَكَ الْغَرِيمُ الْآخَرُ الْغُرَمَاءَ فِيمَا قَبَضُوهُ، وَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>