للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُسَافِرٌ وَإِنْ طَالَ مُقَامُهُ. وَمَنْ لَزِمَهُ طَاعَةُ غَيْرِهِ كَالْعَسْكَرِ وَالْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ يَصِيرُ مُسَافِرًا بِسَفَرِهِ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِ، وَالْمُسَافِرُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِالنِّيَّةِ إِلَّا الْعَسْكَرَ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ أَوْ حَاصَرَ مَوْضِعًا، وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعَيْنِ لَا يَصِحُّ إِلَّا أَنْ يَبِيتَ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَغَيُّرِ الْفَرْضِ قَصْرًا وَإِتْمَامًا آخِرُ الْوَقْتِ، وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ خَارِجَ الْوَقْتِ، فَإِنِ اقْتَدَى بِهِ فِي الْوَقْتِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، فَإِنْ أَمَّ الْمُسَافِرُ الْمُقِيمَ سَلَّمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِالنِّيَّةِ أَوْ بِدُخُولِ وَطَنِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ تَرْكُ السَّفَرِ، فَإِذَا اتَّصَلَ بِالنِّيَّةِ أَتَمَّ، بِخِلَافِ الْمُقِيمِ حَيْثُ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ إِنْشَاءُ الْفِعْلِ فَلَا يَصِيرُ فَاعِلًا بِالنِّيَّةِ. وَأَمَّا دُخُولُ وَطَنِهِ فَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِلِارْتِفَاقِ وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِوَطَنِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَكَذَا نُقِلَ أَنَّ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ وَيَعُودُونَ إِلَى أَوْطَانِهِمْ مُقِيمِينَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَأَمَّا الْمُدَّةُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَنْقُولَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إِلَّا تَوْقِيفًا ; وَلِأَنَّ السَّفَرَ لَا يَخْلُو عَنِ اللُّبْثِ الْقَلِيلِ، فَاعْتَبَرْنَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ كَثِيرًا فَاصِلًا اعْتِبَارًا بِمُدَّةِ الطُّهْرِ، إِذْ لَهَا أَثَرٌ فِي إِيجَابِ الصَّلَاةِ وَإِسْقَاطِهَا.

قَالَ: (وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُسَافِرٌ وَإِنْ طَالَ مُقَامُهُ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ لَيْلَةً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسُّوسِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ.

قَالَ: (وَمَنْ لَزِمَهُ طَاعَةُ غَيْرِهِ كَالْعَسْكَرِ وَالْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ يَصِيرُ مُسَافِرًا بِسَفَرِهِ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ مُخَالَفَتُهُ. قَالَ: (وَالْمُسَافِرُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِالنِّيَّةِ) لِمَا بَيَّنَّا.

(إِلَّا الْعَسْكَرَ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ أَوْ حَاصَرَ مَوْضِعًا) لِأَنَّ إِقَامَتَهُمْ لَا تَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَوْ نَوَوُا الْإِقَامَةَ ثُمَّ انْهَزَمُوا انْصَرَفُوا فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُمْ.

(وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ صَحِيحَةٌ) كَالْأَكْرَادِ وَالتُّرْكُمَانِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْكَلَأِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ إِقَامَتِهِمْ عَادَةً، فَهُوَ فِي حَقِّهِمْ كَالْأَمْصَارِ وَالْقُرَى لِأَهْلِهَا.

قَالَ: (وَلَوْ نَوَى أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعَيْنِ لَا يَصِحُّ) إِذْ لَوْ صَحَّ فِي مَوْضِعَيْنِ لَصَحَّ فِي أَكْثَرَ وَأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ.

(إِلَّا أَنْ يَبِيتَ بِأَحَدِهِمَا) فَتَصِحُّ النِّيَّةُ ; لِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ مَوْضِعُ الْبُيُوتَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ السُّوقِيَّ يَكُونُ فِي النَّهَارِ فِي حَانُوتِهِ وَيُعَدُّ سَاكِنًا فِي مَحَلَّةٍ فِيهَا بَيْتُهُ.

قَالَ: (وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَغَيُّرِ الْفَرْضِ قَصْرًا وَإِتْمَامًا آخِرُ الْوَقْتِ) لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ سَافَرَ آخِرَ الْوَقْتِ قَصَرَ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ آخِرَ الْوَقْتِ تَمَّمَ لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ خَارِجَ الْوَقْتِ) لِتَقَرُّرِ فَرْضِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ.

(فَإِنِ اقْتَدَى بِهِ فِي الْوَقْتِ أَتَمَّ الصَّلَاةَ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَتَهُ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ إِمَامًا لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَى أَئِمَّتِكُمْ» ، وَصَيْرُورَتُهُ مُتَابِعًا أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا.

(فَإِنْ أَمَّ الْمُسَافِرُ الْمُقِيمَ سَلَّمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّهُ تَمَّ فَرْضُهُ.

(وَأَتَمَّ الْمُقِيمُ) لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ إِتْمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>