للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَصِيُّ أَحَقُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْجَدِّ، وَشَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ لَا تَجُوزُ، وَعَلَى الْمَيِّتِ تَجُوزُ، وَتَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إِنْ كَانُوا كِبَارًا، وَلَا تَجُوزُ إِنْ كَانُوا صِغَارًا (سم) .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فِي الْقَاضِي لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِخْلَاصِ بِوَاسِطَةِ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ تَبَرُّعًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِعَجْزِهِ نَظَرًا وَاحْتِيَاطًا فِي مَالِ الْيَتِيمِ.

قَالَ: (وَالْوَصِيُّ أَحَقُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ مِنَ الْجَدِّ) لِأَنَّهُ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ وِلَايَةُ الْأَبِ بِالْإِيصَاءِ إِلَيْهِ، فَكَانَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ قَائِمَةً حُكْمًا، وَلِأَنَّ اخْتِيَارَهُ الْوَصِيَّ مَعَ عِلْمِهِ بِالْجَدِّ دَلِيلٌ أَنَّ تَصَرُّفَهُ أَنْظَرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْجَدِّ فَكَانَ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُوصِ الْأَبُ فَالْوِلَايَةُ لِلْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَشْفَقُ عَلَى بَنِيهِ فَانْتَقَلَتِ الْوِلَايَةُ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا مَلَكَ النِّكَاحَ مَعَ وُجُودِ الْوَصِيِّ، وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ الْوَصِيُّ فِي الْمَالِ لِمَا بَيَّنَّا، وَوَصِيُّ الْجَدِّ كَوَصِيِّ الْأَبِ ; لِأَنَّ الْجَدَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ فَكَذَا وَصِيُّهُ.

قَالَ: (وَشَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ لَا تَجُوزُ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِنَفْسِهِ وِلَايَةَ الْقَبْضِ.

(وَعَلَى الْمَيِّتِ تَجُوزُ) إِذْ لَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ.

(وَتَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إِنْ كَانُوا كِبَارًا وَلَا تَجُوزُ إِنْ كَانُوا صِغَارًا) أَمَّا الشَّهَادَةُ لِلْكِبَارِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَتْ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَا تَجُوزُ وَفِي غَيْرِهِ تَجُوزُ.

وَقَالَا: تَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ فَلَا يُثْبِتَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فَلَا تُهْمَةَ، بِخِلَافِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهُمَا يَثْبُتَانِ لَهُمَا وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمَا يَثْبُتَانِ لَهُمَا وِلَايَةَ الْحِفْظِ وَوِلَايَةَ بَيْعِ الْمَنْقُولِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَارِثِ فَتَحَقَّقَتِ التُّهْمَةُ بِخِلَافِ مَا إِذَا شَهِدَا فِي غَيْرِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا فِي غَيْرِهَا. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ لِلصِّغَارِ فَلَا تَجُوزُ بِحَالٍ لِلتُّهْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ إِلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ فَإِذَا قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَدِي فَهُوَ كَمَا قَالَ ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْوِكَالَةِ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُؤَقَّتَةٌ شَرْعًا بِبُلُوغِ الْأَيْتَامِ أَوْ إِينَاسِ الرُّشْدِ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ مُؤَقَّتَةً شَرْطًا، وَلَوْ أَوْصَى إِلَى رَجُلٍ فِي مَالِهِ كَانَ وَصِيًّا فِيهِ وَفِي وَلَدِهِ، وَالْوَصِيُّ فِي نَوْعٍ يَكُونُ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ ; لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتَجْنَا إِلَى نَصْبِ آخَرَ، وَالْمُوصِي قَدِ اخْتَارَ هَذَا وَصِيًّا فِي بَعْضِ أُمُورِهِ فَجَعْلُهُ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَصَرُّفِ هَذَا فِي الْبَعْضِ وَلَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفُ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَإِذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ أَخْرَجَهُ الْقَاضِي مِنَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِلُّ أَخْذَ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقِيلَ: إِنِ ادَّعَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ أَخْرَجَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: إِمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَتَسْتَوْفِيَ أَوْ تُبَرِّئَهُ وَإِلَّا أَخْرَجْتُكَ مِنَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ وَأَقَامَ غَيْرَهُ، وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَيَعْمَلَ فِيهِ هُوَ مُضَارَبَةً ; لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ، وَلِلْأَبِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ فَكَذَا الْوَصِيُّ، فَإِنْ عَمِلَ بِنَفْسِهِ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ابْتَغُوا فِي مَالِ الْيَتَامَى خَيْرًا» فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْجِبَ طَائِفَةً مِنَ الْمَالِ لِنَفْسِهِ بِالْمُضَارَبَةِ احْتَاجَ إِلَى الْإِشْهَادِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَمَا عَمِلَهُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ فَلَا يُتْرَكُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَهُوَ الْإِشْهَادُ، وَلِلْوَصِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>