وَإِنْ كَانَ أَبَا صُلْبٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلذُكُورِ (سم) خَاصَّةً، وَلَوْ أَوْصَى لِأَيْتَامِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ عُمْيَانِهِمْ أَوْ زَمْنَاهُمْ أَوْ أَرَامِلِهِمْ وَهُمْ يُحْصَوْنَ فَهِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَلِلْفُقَرَاءِ خَاصَّةً.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ يَقَعُ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ، كَقَوْلِهِ لِبَنِي تَمِيمٍ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْعِبَادِ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُهَا لِجَمِيعِ بَنِي تَمِيمٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُهَا لِلْبَعْضِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَبَطَلَتْ، بِخِلَافِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ يَتَنَاوَلُ الْفَقِيرَ وَالْغَنِيَّ، لَكِنْ قَدْ يُسْتَعْمَلُ اللَّفْظُ فِي ذَوِي الْحَاجَةِ كَقَوْلِهِ، يَتَامَى بَنِي تَمِيمٍ، أَوْ عُمْيَانِ بَنِي تَمِيمٍ، أَوْ زَمْنَى بَنِي تَمِيمٍ، أَوْ أَرَامِلِ بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَالِاسْمُ يَقَعُ عَلَى الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا ; لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ إِلَيْهِمْ فَيَجْرِي اللَّفْظُ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ ; لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذَكَّرُ وَيُرَادُ بِهِ غَالِبًا أَهْلُ الْحَاجَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - ذَكَرَ الْيَتَامَى فِي آيَةِ الْخُمُسِ وَأَرَادَ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ فَوَجَبَ تَخْصِيصُ الْوَصِيَّةِ وَحَمْلُهَا عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ الْقَرَابَةَ وَالثَّوَابَ فِيهِمْ أَكْثَرُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ غَالِبًا، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى ; لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْعَقْدِ لَا يَتَفَضَّلُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى كَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُقَرَاءِ بَنِي فُلَانٍ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ لَا يُحْصَوْنَ دَخَلَ مَوَالِيهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَحُلَفَاؤُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا بَنِي أَبٍ لَيْسَ بِقَبِيلَةٍ يُخْتَصُّ بِبَنِي فُلَانٍ مِنَ الْعَرَبِ دُونَ الْمَوَالِي وَالْحُلَفَاءِ ; لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يُحْصَوْا فَالْمُرَادُ بِهَا النِّسْبَةُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْمَوَالِي وَالْحُلَفَاءِ وَإِذَا ذَكَرَ الْبُنُوَّةَ مِمَّنْ يُحْصَوْنَ فَالْمُرَادُ الْأَوْلَادُ دُونَ النِّسْبَةِ.
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ أَبَا صُلْبٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا: هُوَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى اخْتَلَطَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَخِطَابُ الرِّجَالِ يَعُمُّ الْجَمِيعَ كَقَوْلِهِمْ: بَنُو آدَمَ وَبَنُو هَاشِمٍ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ لِلذَّكَرِ خَاصَّةً وَمَا ذَكَرَهُ مَجَازٌ، وَالْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ أَوْلَى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ يُعْطَى وَلَدُ وَلَدِهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَا يَشْتَرِكُ فِي هَذَا النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ، إِنَّمَا هِيَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً، بِخِلَافِ اسْمِ الْوَلَدِ عَلَى مَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ: (وَلَوْ أَوْصَى لِأَيْتَامِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ عُمْيَانِهِمْ أَوْ زَمْنَاهُمُ أَوْ أَرَامِلِهِمْ وَهُمْ يُحْصَوْنَ فَهِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَلِلْفُقَرَاءِ خَاصَّةً) وَقَدْ مَرَّ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى لِمُجَاوِرِي مَكَّةَ فَهِيَ كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَيْتَامِ، وَالْيَتِيمُ: كُلُّ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ، غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَالْأَرْمَلَةُ: كُلُّ امْرَأَةٍ بَالِغَةٍ فَقِيرَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ قَوْلِهِمْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute