للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَشْهُرٍ لَا يَرِثُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ إِلَّا أَنْ تُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِحَمْلِهَا يَوْمَ الْمَوْتِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَرِثُ لِأَنَّا تَيَقَّنَا بِوُجُودِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ الْحَمْلُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْجُبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ أَوْ حَجْبَ نُقْصَانٍ أَوْ يَكُونَ مُشَارِكًا لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ، فَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ الْجَمِيعَ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ تُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ إِلَى أَنْ تَلِدَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ ابْنًا، وَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ الْبَعْضَ كَالْإِخْوَةِ وَالْجَدَّةِ تُعْطَى الْجَدَّةُ السُّدُسَ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ يَحْجُبُ حَجْبَ نُقْصَانٍ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ يُعْطَوْنَ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَكَذَلِكَ يُعْطَى الْأَبُ السُّدُسَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ابْنٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْجُبُهُمْ كَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ يُعْطَوْنَ نَصِيبَهُمْ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْجُبُهُمْ وَلَكِنْ يُشَارِكُهُمْ بِأَنْ تَرَكَ بَنِينَ أَوْ بَنَاتٍ وَحَمْلًا.

رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُوقَفُ لَهُ نَصِيبُ أَرْبَعَةٍ مِنَ الْبَنِينَ أَوِ الْبَنَاتِ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فَيُوقَفُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا، وَكَانَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِمَّنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ مَعَ ثَلَاثَةٍ. وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنَيْنِ لِأَنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ نَادِرٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ. وَرَوَى الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ الْمُعْتَادُ وَمَا فَوْقَهُ مُحْتَمَلٌ، وَالْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ دُونَ الْمُحْتَمَلِ، فَإِنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَحَمْلًا، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمُبَارَكِ يُوقَفُ ثُلُثَا الْمَالِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ نِصْفُ الْمَالِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُلُثُ الْمَالِ، وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا لَا حُكْمَ لَهُ وَلَا إِرْثَ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ حَيَاتُهُ بِأَنْ تَنَفَّسَ كَمَا وُلِدَ أَوِ اسْتَهَلَّ بِأَنْ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ أَوْ عَطَسَ أَوْ تَحَرَّكَ عُضْوٌ مِنْهُ كَعَيْنَيْهِ أَوْ شَفَتَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ ; لِأَنَّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تُعْلَمُ حَيَاتُهُ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ» ، فَإِنْ خَرَجَ الْأَكْثَرُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَرِثَ، وَبِالْعَكْسِ لَا اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ، فَإِنْ خَرَجَ مُسْتَقِيمًا فَإِذَا خَرَجَ صَدْرُهُ وَرِثَ، وَإِنْ خَرَجَ مَنْكُوسًا يُعْتَبَرُ خُرُوجُ سُرَّتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِهْلَالِ وَرِثَ وَوُرِثَ عَنْهُ.

١ -

فَصْلٌ

الْمَفْقُودُ

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَحْكَامَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَمَتَى يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي بَابِهِ، وَنَذْكُرُ هُنَا مَا يَخْتَصُّ بِالْإِرْثِ فَنَقُولُ: مَنْ مَاتَ فِي حَالِ فَقْدِهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ يُوقَفُ نَصِيبُ الْمَفْقُودِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُ لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ، فَإِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَحَكَمْنَا بِمَوْتِهِ قُسِّمَتْ أَمْوَالُهُ بَيْنَ الْمَوْجُودِينَ مِنْ وَرَثَتِهِ كَمَا بَيَّنَّا، وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ مِنْ تَرِكَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ كَأَنَّ الْمَفْقُودَ لَمْ يَكُنَّ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِكَوْنِهِمْ وَارِثِينَ وَشَكَكْنَا فِيهِ، فَكَانَ تَوْرِيثُهُمْ أَوْلَى لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>