ويقوي كونهما كانا مسلمين رواية أبي بكرة عند أحمد والطبراني بإسنادٍ صحيح: "يعذبان، وما يعذبان في كبير"، و"بلى. وما يعذبان إلا في الغيبة والبول"، فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين؛ لأن الكافر وإن عذب على ترك أحكام الإسلام، فإنه يعذب مع ذلك على الكفرِ بلا خلاف". أهـ كلام الحافظ ابن حجر. وقال الخطابي في "معالم السنن" (١/ ١٨): وقوله: "ولعله يخفف عنهما ما لم ييبسا؛ فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدًا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه. والله أعلم". ثم عقب على ذلك العلامة أحمد شاكر رحمه الله (١/ ١٠٣) قائلًا: "وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارًا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، خصوصًا في بلاد مصر، تقليدًا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين، إذا نزلوا بلدة من بلاد أوربا ذهبوا إلى قبور عظمائها، أو إلى قبر من يسمونه: الجندي المجهول. ووضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها، تقليدًا للإفرنج، واتباعًا لسنن من قبلهم. ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يصنعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمت أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافًا خيرية-: موقوف ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع في القبور. وكل هذه بدع ومنكرات لا أصل لها في الدين، ولا مستند لها من الكتاب والسنة ويجب على أهل العلم أن ينكروها، وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا". وقال شيخنا العلامة الألباني في "الإرواء" (١/ ٣١٣ - ٣١٤): "فائدة: قد جاء في حديث جابر الطويل في صحيح مسلم (٨/ ٢٣٥) بيان التخفيف المذكور في الحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: إني =