قال تعالى:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ}[يونس: ١٥]؛ فماذا كان الجواب؟ كان الجواب بأن أجاب عن شيء من كلامهم وترك شيئاً فقال تعالى {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي}[يونس:١٥]، ولم يقل: ولا أتي بقرآن غيره. لماذا؟ لأنه قد يأتي بتبديل من عنده، وإذا كان لا يمكنه تبديله؛ فالإتيان بغيره أولى بالامتناع.
فالمهم: أن الذي يبدل آية مكان آية، سواء لفظها أو حكمها, هو الله سبحانه.
قوله:{إِنَّمَا أَنْتَ}: الخطاب هنا لمحمد, صلى الله عليه وسلم.
قوله:{مُفْتَرٍ}؛ أي: كذاب, بالأمس تقول لنا كذا, واليوم تقول لنا كذا, هذا كذب، بالأمس تقول لنا كذا، واليوم تقول لنا كذا، هذا كاذب, إنما أنت مفتر!!
لكن هذا القول الذي يقولونه إزاء إتيانه بآية مكان آية هو قول سفه, ولو أمعنوا النظر؛ لعلموا علم اليقين أن الذي يأتي بآية مكان آية هو الله سبحانه، وذلك يدل على صدقه, صلى الله عليه وسلم؛ لأن الكذاب يحذر غاية الحذر أن يأتي بكلام غير كلامه الأول؛ لأنه يخشى أن يطلع على كذبه، فلو كان كاذباً كما يدعون أن ذلك من علامة الكذب؛ ما أتى بشيء يخالف الأول؛ لأنه إذا أتى بشيء يخالف الأول على زعمهم تبين كذبه بل إتيانه بما يخالف الأول دليل على صدقه بلا شك.