ولهذا قال هنا: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} , وهذا إضراب إبطالي؛ معناه: بل لست مفترياً, ولكن أكثرهم لا يعلمون, ولو أنهم كانوا من ذوي العلم لعلموا أنه إذا بدلت آية مكان آية فإنما ذلك دليل على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام.
قوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}: {رُوحُ الْقُدُسِ}: هو جبريل، ووصفه بذلك لطهارته من الخيانة عليه الصلاة والسلام. ولهذا قال في آية أخرى {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:١٩ - ٢٠].
قوله: {مِنْ رَبِّكَ} قال: {مِنْ رَبِّكَ} , ولم يقل: من رب العالمين؛
إشارة إلى الربوبية الخاصة؛ ربوبية الله للنبي, صلى الله عليه وسلم, وهي ربوبية أخص الخاصة.
وقوله: {بِالْحَقِّ}: إما أن يكون وصفاً للنازل أو للمنزول به.
فإن كان وصفاً للنازل؛ فمعناه: أن نزوله حق، وليس بكذب.
وإن كان وصفاً للمنزول به؛ فمعناه: أن ما جاء به فهو حق.
وكلاهما مراد؛ فهو حق من عند الله, ونازل بالحق.
قال الله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء:١٠٥] , فالقرآن حق، وما نزل به حق.
قوله: {ليثبت الذين آمنوا}: هذا تعليل وثمرة عظيمةو ويثبت الذين آمنوا به, ويمكنهم من الحق, ويقويهم.