للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: "ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها": الدابة: كل ما يدب على الأرض، حتى الذي يمشي على بطنه داخل في هذا الحديت؛ كقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} [النور: ٤٥]، وقوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦].

وإن كانت الدابة تطلق في العرف على ذوات الأربع، وفي عرف أخص تطلق على الحمار فقط، لكنها في مثل هذا الحديث يراد بها كل ما يدب على الأرض، وما يدب على الأرض فيه شرور، أما بعضه؛ فشر محض بالنسبة لذاته، وأما بعضه؛ ففيه خير وفيه شر، وحتى الذي فيه خير، لا يسلم من الشر.

* قوله: "أنت آخذ بناصيتها": الناصية: مقدم الرأس، وإنما نص على الناصية؛ لأنه هو المقدم، وهو الذي يمسك به لقيادة البعير وشبهه. وقيل: خُصَّ ذلك؛ لأن المخ الذي فيه التصور والتلقي يكون في مقدمة الرأس، والعلم عند الله.

* قوله: "أنت الأول؛ فليس قبلك شيء": هذا تفسير من النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله: "الأول"، والأول من أسماء الله.

وقد ذكرنا عند تفسير الآية أن أهل الفلسفة يسمُّون الله: القديم، وذكرنا أن القديم ليس من أسماء الله الحسنى، وأنه لا يجوز أن يسمَّى به، لكن يجوز أن يخبر به عنه، وباب الخبر أوسع من باب التسمية؛ لأن القديم ليس من الأسماء الحسنى، والقديم فيه نقص؛ لأن القدم قد يكون قدمًا نسبيًّا؛ ألم تر إلى قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>