للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -هو الصواب.

* فإذًا؛ لا حجة للجبري بهذا الحديث، ولا للعصاة الذين يحتجون بهذا الحديث لاحتجاجهم بالقدر.

فنقول له: إن احتجاجك بالقدر على المعاصي يبطله السمع والعقل والواقع:

- فأما السمع؛ فقد قال الله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: ١٤٨]؛ قالوا ذلك احتجاجًا بالقدر على المعصية، فقال الله تعالى: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ يعني: كذبوا الرسل واحتجوا بالقدر {حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا}، وهذا يدل على أن حجتهم باطلة؛ إذ لو كانت حجة مقبولة؛ ما ذاقوا بأس الله.

- ودليل سمعي آخر: قال الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه} [النساء: ١٦٣] [النساء: ١٦٣] إلى قوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، ووجه الدلالة من هذه الآية أنه لو كان القدر حجة؛ ما بطلت بإرسال الرسل، وذلك لأن القدر لا يبطل بإرسال الرسل، بل هو باق.

فإذا قال قائل: يرد عليك في الدليل الأول قول الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>