للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: ١٠٦ - ١٠٧]؛ فهنا قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا}؛ فنقول: إن قول الإنسان عن الكفار: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا}: قول صحيح وجائز، لكن قول المشرك: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: ١٤٨]؛ يريد أن يحتج بالقدر على المعصية قول باطل، والله عزَّ وجلَّ إنما قال لرسوله هكذا تسلية له وبيانًا أن ما وقع فهو بمشيئة الله.

- وأما الدليل العقلي على بطلان احتجاج العاصي بالقدر على معصية الله أن نقول له: ما الذي أعلمك بأن الله قدر لك أن تعصيه قبل أن تعصيه؟ فنحن جميعًا لا نعلم ما قدر الله إلا بعد أن يقع، أما قبل أن يقع؛ فلا ندري ماذا يراد بنا؛ فنقول للعاصي: هل عندك علم قبل أن تمارس المعصية أن الله قدر لك المعصية؟ سيقول: لا. فنقول: إذًا؛ لماذا لم تقدر أن الله قدر لك الطاعة وتطع الله؛ فالباب أمامك مفتوح؛ فلماذا لم تدخل من الباب الذي تراه مصلحة لك؛ لأنك لا تعلم ما قدر لك. واحتجاج الإنسان بحجة على أمر فعله قبل أن تتقدم حجته على فعله احتجاج باطل؛ لأن الحجة لا بد أن تكون طريقًا يمشي به الإنسان؛ إذ إن الدليل يتقدم المدلول.

ونقول له أيضًا: ألست لو ذكر لك أن لمكة طريقين أحدهما طريق معبد آمن، والثاني طريق صعب مخوف؛ ألست تسلك الآمن؟ سيقول: بلى. فنقول: إذًا؛ لماذا تسلك في عبادتك الطريق المخوف المحفوف بالأخطار، وتدع الطريق الآمن الذي تكفل الله

<<  <  ج: ص:  >  >>