كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: ١٥]، وفي آية أخرى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ}[لقمان: ١٤]، والأم تتعب في الحمل، وعند الوضع، وبعد الوضع، وترحم صبيها أشد من رحمة الوالد له، ولهذا كانت أحق الناس بحسن الصحبة والبر، حتى من الأب.
قال رجل: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:"أمك". قال: ثم من؟ قال:"أمك". قال: ثم من؟ قال:"أمك". ثم قال في الرابعة:"ثم أبوك"(١).
والأب أيضًا يتعب في أولاده، ويضجر بضجرهم، ويفرح لفرحهم، ويسعى بكل الأسباب التي فيها راحتهم وطمأنينتهم وحسن عيشهم، يضرب الفيافي والقفار من أجل تحصيل العيش له ولأولاده.
فكل من الأم والأب له حق؛ مهما عملت من العمل؛ لن تقضي حقهما، ولهذا قال الله عزَّ وجلَّ:{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء: ٢٤]؛ فحقهم سابق؛ حيث ربياك صغيرًا حين لا تملك لنفسك نفعًا ولا ضرًّا؛ فواجبهما البر.
* والبر فرض عين بالإجماع على كل واحد من الناس، ولهذا قدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - على الجهاد في سبيل الله؛ كما في حديث ابن مسعود؛ قال: قلت: يا رسول الله! أي العمل حب إلى الله؟
(١) رواه: البخاري (٥٩٧١)، ومسلم (٢٥٤٨)؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه.