- وتراجم البخاري لرجالِه تتراوح بين الطول والقِصَر؛ فبيْنا نجدُه يُترجِمُ لأحَد الرِّجال بسطرٍ واحدٍ، كما في ترجمتِه لمحمَّد بن عبد اللَّه بن أسيد، ومحمَّد بن عبد الرَّحمن بن فروةَ، ومُحمَّد بن عُمرَ اليافعيِّ، وغيرِهم، إذا به يُترجِمُ لعَبد الرَّحمن بن عبد اللَّه بن كعْب بن مالك الأنصاريِّ بأكثرَ مِن عَشر صفَحاتٍ.
- وغالبُ تراجِم البُخاريِّ يذكر فيها: اسم الرَّاوي، واسم أَبيه، وجدِّه، وكُنيته، ونسبته إلى القبيلة أو البلدة أو كلتَيْهِما، وقلَّما يُطيلُ في الأنساب. ويذكُر بعضَ شُيوخ صاحب الترجمة وتلاميذه، وقد يذكر جميعَ الشُّيوخ والتَّلاميذ إذا كان الراوي من المقِلّينَ؛ ليتميَّز حاله. كما يذكُر أنموذجًا من رواياتِه أو أكثرَ، ولا يُقدِّمُ البخاريُّ معْلوماتٍ وافيةً عن أحْوال الرَّاوي، ويذكرُ أحيانًا الصِّفات الجسميَّة والخُلُقيَّة والعقليَّة للرّواةِ.
- والبخاري يتورَّعُ عن ذِكْر ألفاظٍ حادَّةٍ في الجرح، فغالبًا ما يقول: فيه نظر، يخالف في بعض حديثه. وأشدُّ ما يقول: منكر الحديث.
ونقل الذهبي عن البخاريِّ قولَه:"أرجو أن ألقى اللَّهَ ولا يحاسبني أنِّي اغتبتُ أحدًا". ثمَّ عقَّبَ عليه بقولِه: "قلتُ: صدقَ -رحمه اللَّه-. ومَن نظر في كلامِه في الجرح والتَّعديل علِمَ ورعَهُ في الكلام في النَّاس، وإنصافَه فيمَن يضعِّفُه، فإنَّه أكثر ما يقولُ: مُنكرُ الحديثِ، سكَتوا عنه، فيه نظر. ونحو هذا، وقلَّ أن يقول: فلان كذاب. أو: كان يضع الحديث.