نحمَد اللَّه تعالى حقَّ حمده، ونصلِّي ونسلِّم على خيرِ خلْقِه، وأمينِه على وحيه، نبيِّنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَن اتبع نَهجَه إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فإنه ممَّا لا جِدالَ فيه أنه لا كمالَ لهذا الدين إلا بالحِفاظ على سُنة نبيِّنا محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-، أكملِ الخلق وأعظم الأنبياء، عليهم جميعًا أفضل الصَّلاة وأتم التَّسليم.
وقد أكرمَ اللَّهُ تعالى ذِكرُه هذه الأمة بأن قيَّض رجالًا ذبُّوا عن سُنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن عَبَث العابثين، وضلال المضِلين، فقاموا بتدوين هَديِه -صلى اللَّه عليه وسلم- قولًا وفعلًا وتقريرًا، وهُم إذ يفعلون ذاك فإنهم على علمٍ تامٍّ بجليل ما يجمعونه. . . مُتَحَلِّين بعزيمةٍ لا يَعتريها فُتورٌ؛ مسترشِدين بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً". منتبهين لما هو مَنتحَل مُفترًى وليس من سُنته، وما هو من مَعِين نوره صلوات اللَّه وسلامه عليه، متمكِّنين من أدواتهم العلمية التي توارثوها جيلًا بعد جيلٍ. وإن من أَخَصِّ خصائص هذه الأمَّة الإسلامية أن وَفَّقَها اللَّه سبحانه إلى منهجٍ أصيل، وعِلْمٍ جليل، ذلكم هو علم الرُّواة والجرح والتعديل، وقد تكلم كثير من الصَّحابة والتَّابعين فمَن بعدهم في بيان أحوال الرواة، تَوَرُّعًا وصَوْنًا للشَّريعة، وليس طعنًا في النَّاس.