للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" التَّاريخ الكَبير" وتعدُّد إبرازاته بالزِّيادة والنَّقص والإصلاح

" الإبرازات هي المرات المختلفة التي يَظهر أو يُبرَز فيها الكتاب، وتطابق الإبرازة في زماننا الطَّبعة، فكثير من المصنَّفات أُبرِزَت مراتٍ، وبين كلٍّ من هذه الإبرازات وبعضها فروق، لأن المصنِّف بعد إبراز كتابه أولَ مرة يُدَاومُ على تصحيحه، وتوسيع مضمونه، وإضافة الملحقات إليه. وإبراز الكتاب في الأزمنة الماضية كان يحدث. . . بإعادة إملاء المصنِّف كتابَه على طلبته" (١).

وقد بلغ من حِرصِ الإمام البخاريُّ وعنايته بتصانيفه أنه أعاد النَّظر فيها مراتٍ، وقد أخرج "كتاب التَّاريخ الكَبير" ثلاث مراتٍ، وفي كل مرة يَزيد ويَنقُص ويُصلِح.

قال مُسَبِّحُ بنُ سَعيدٍ: "سمعتُ البُخاريِّ يقول: لو نشر بعض أُستاذي هؤلاء لم يفهموا كيف صنَّفتُ "كتاب التَّاريخ" ولا عرفوه". ثم قال: "صَنَّفتُه ثلاث مراتٍ" (٢).

ولكثرة ما تعهَّد البخاريُّ كتابَه بالتَّهذيب والتَّنقيح حصل تغايُرٌ في اختلاف روايات الآخِذين عنه، وثبت في رواية بعضهم ما ليس عند غيره من الزيادةِ والنقص والإصلاح، وإذا عُرف هذا، فقد حمل الكتابَ عن مؤلِّفه جمعٌ من أصحابه، وصار لكل واحدٍ نُسخة من الكتاب.


(١) "أصول نقد النصوص ونشر الكتب" جوتهلف برجستراسر، بتصرف يسير (ص ٢٦)، وانظر في الكلام على إبرازات وروايات بعض الكتب: "منهج البخاري في الضعفاء" للعماري، "تاريخ نص الفصل" لسمير قدوري، "سيرة ألفية ابن مالك" للعيوني، مقدمة "تحقيق أسرار العربية" لابن الأنباري، ط. الوعي الإسلامي.
(٢) "تاريخ بغداد" للخطيب (٢/ ٣٢٥)، مقدمة المعلمي على "الموضح" (ص ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>