كتاب التاريخ الكبير للبخاري - ت الدباسي والنحال

كتاب الكنى - ج: 11 - ص: 5

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الكُنَى والأسماء شطران متكاملان، فالعلم بالكُنَى من تمام العلم بالأسماء، ومن ثَمَّ كان الوقوف على أسماء الرواة المشهورين بكُنَاهم، أو الذين اشتهروا بالكُنَى ولم تُعْرَف أسماؤهم، ومعرفة ما قد يقع في كُنَى بعضهم من خلاف أو تعدُّد، من أهم أغراض البحث للكشف عن أحوال الرواة.

ولقد يعرض للكُنَى ما يعرض للأسماء من تشابه يؤدي إلى اختلاط، أو تصحيف ينتهي إلى أغلاط، فكان من الواجب ضبط الكُنَى وتمييز المتشابه منها.

ومع تكاثر الأسانيد ونمو الصناعة الحديثية ظهرت مشكلات أُخَر؛ إذ ربما ذُكِرَ الراوي في السند بكُنْيَته دون اسمه طلبًا للإيجاز، أو بقصد التدليس أحيانًا، فيخفى أمره على مَن لا خبرة له.

وربما ذُكِرَ الراوي باسمه في موضع، وبكنيته في آخر، فيتراءى للناظر أنهما رجلان. وربما ذكر اسم الراوي مَتْلُوًّا بكنيته، فيتوهم الواحد اثنين سقطت أداة التحديث بينهما، فاقتضت تلك الأحوال مزيدًا من البحث لكشف الإبهام ودفع الأوهام.

وباجتماع الأغراض المذكورة: تحقيق أسماء الرواة وكُنَاهم، ورفع الالتباس، ودفع الوهم، توافرت الأسباب وأَلحَّت على العناية بهذا اللون من المعرفة لدى المُحَدِّثِين، وإلى هذا المعنى أشار ابن الصلاح في المقدمة بقوله:

"وهذا فن مطلوب، لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه