للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد تميّز عِلم الحديث الشَّريف بمنهجيةٍ علمية فريدة قائمةٍ على الاستقراء والبحث، والنقد والاستنباط، فجَمَع بين جنباته جُلَّ المناهج المطروقة في البحث العلمي في كل أطواره، ما بين النَّشأة والنضج، ولأجل هذا حاز هذا العلمُ الشريفُ ثناءَ العلماء المسلمين وغيرهم. يقول المستشرق مرجليوث: "والمسلمون محقّون في الفخر بعلم حديثهم" (١).

وقد قيَّض اللَّه لخدمة هذا العلم الجليل أئمَّةً أعلامًا على مدار التَّاريخ الإسلامي، منهم الإمام المحدِّث، حافظ الإسلام، ذروة الجهابذة النُّقَّاد الأعلام، شيخ السُّنة والحديث، وطبيب عِلَلِه في القديم والحديث، محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاريّ (ت ٢٥٦ هـ).

ولم يكن البخاريُّ أولَ من تكلم في الرجال؛ فقد اشتهر بنقد الرجال قَبْله إمامُ دار الهجرة أبو عبد اللَّه مالكُ بنُ أنسٍ، والسُّفْيَانَان، وشُعبةُ بنُ الحجاج، ثم يحيى بنُ سعيد القَطَّان، وعبدُ الرحمن بنُ مَهدي، وعبدُ اللَّه بنُ المبارك، ثم أبو عبد اللَّه أحمدُ بن محمد بن حنبل، ويحيى بنُ مَعِين، وعليُّ بنُ عبد اللَّه المَدِينيُّ، وكان ألصقهم بهذا الفن أربعة، فقد قال تقِي الدين أبو عَمرو بن الصَّلاح (ت ٦٤٣ هـ): رُوِّينَا عن صالح بنِ محمد الحافظ جَزَرَة قال: "أول مَن تكلم في الرجال شُعبة بن الحجاج، ثم تَبِعَه يحيى بن سَعيد القَطان، ثم بعده أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين" (٢).

وجاء بعد هذه الطَّبقة الإمام الحافظ أبو عبد اللَّه البخاري، وكأنه حاول


(١) "محاضرات عن المؤرخين العرب" (ص ٢٠)، ترجم هذه الجملة د. عبد اللَّه الشهري.
(٢) "معرفة أنواع علوم الحديث" (ص ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>