عن أن تُحصى، وهي منقسمةٌ إلى حفظٍ ودراية، واجتهادٍ في التحصيل ورواية، وتنسُّك وإفادة، وورع وزهادة، وتحقيق وإتقان، وتمكُّن وعرفان، وأحوال وكرامات، وغيرها من أنواع المكرمات، ويوضّح ذلك ما أشرت إليه من أقوال أعْلام المسلمين أُولي الفضل والورع والدين، والْحُفَّاظ والنُّقَّاد المُتْقِنِين، الذين لا يجازفون في العبارات، بل يتأملونها ويُحَرِّرُونها، ويحافظون على صيانتها أشدَّ المحافظات. وأقاويلُهم بنحو ما ذكرتُ غير منحصرة، وفيما أشرت إليه أبلغُ كفايةٍ للمستبصِر، رضي اللَّه عنه وأرضاه، وجمع بيني وبينه وجميع أحبابنا في دار كرامته مع مَن اصطفاه، وجزاه عني وعن سائر المسلمين أكمل الجزاء، وحَبَاه من فضله أبلغ الحِبَاء.
أمّا تصانيفُه فقد اشتهرتْ في جَميع الأقْطارِ، وعمَّ نفعُها لأهل المعْرفة في الاستبْصارِ.
وقال أبو أحمد الحاكم في حقِّها: لو قلت: إني لم أَرَ تصنيفَ أحد يشبه تصنيفه في الحسن والمبالغة، بفعلت. انتهى.
فمنها: كتابه "الجامع الصَّحيح" الذي فاقَ غيرَه في الترجيح، وهو أعظم مصنَّفاته، بل سائر المصنفات، إنه أنفعها وأصحُّها لدى أرباب التحقيقات، سارت بذِكره الرُّكْبَان، وتلقاه بالقبول فُحول الرجال في كل عصر وأوانٍ، وهو حَرِيٌّ بذلك.
ومنها:"الأدب المفرد"، وهو مجلد لطيف، يرويه عنه أحمد بن محمد بن الجليل البزار.