للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لعلمائنا الأقدمين صنيعهم هذا هُو أنه إذا نَسَخَ عالِمٌ كتابَ عالِم آخر فلا بد أن يظهر له أثناء النَّسخ إضافات وتعديلات، فإذا أضاف واختصر ونقَّح فقد أصبح الكتاب بين يديه جديدًا، وحينذاك يُضاف الكتاب إلى العالم الثَّاني بتسمية جديدة ويُنْسَبُ إليه.

ولعل من أشهر الكتب التي تناولت تاريخ رواة الحديث جرحًا وتعديلًا "كتاب الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي (ت ٣٢٧ هـ)، وقد عُدَّ مرجعًا مهمًّا لكلِّ مَن كتب بعده في موضوعه وما يتصل به، ومادة هذا الكتاب في معظمها مُسْتَقَاة من "كتاب التَّاريخ الكبير" (١).

وقد نقل الخطيبُ البغداديُّ عن الحافظ أبي أحمد الحاكم أنه قال: "كنتُ بالرَّيِّ، فرأيتهم يومًا يقرءون على أبي محمد بن أبي حاتم "كتاب الجرح والتعديل فلما فرغوا قلتُ لابن عَبْدُويَه الوراق: ما هذه الضُّحْكَةُ! أراكم تقرءون "كتاب التَّاريخ" لمحمد بن إسماعيل البخاري على شيخكم على الوجه، وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم! فقال: يا أبا أحمد، اعلم أن أبا زُرعة وأبا حاتم لما حُمِلَ إليهما هذا الكتاب قالَا: هذا علم حسن لا يُسْتَغْنَى عنه، ولا يحسُن بنا أن نذكره عن غيرنا" (٢).

ولعل أبا أحمد الحاكم -رحمه اللَّه- إنما سمعهم يقرءون بعض التراجم القصيرة التي لم يَتَّفقْ لابن أبي حاتم فيها ذِكْر الجرح والتعديل، ولا زيادة مهِمة على ما في "التَّاريخ"، وكون كتاب البخاري أصلًا لكتاب ابن أبي حاتم


(١) انظر "دعوة الحق"ع (١٧٠).
(٢) "المُوَضِّح لأوهام الجمع والتفريق" (١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>