كان قادرا على الكتابة، بخلاف ما توهمه بعض أصحابنا رحمهم الله أنه لا تعتبر الإشارة مع القدرة على الكتابة. لأنه حجة ضرورية، ولا ضرورة لأنه جمع هاهنا بينهما فقال: أشار أو كتب، وإنما استويا لأن كل واحد منهما حجة ضرورية، وفي الكتابة زيادة بيان لم يوجد في الإشارة، وفي الإشارة زيادة أثر لم يوجد في الكتاب لما أنه أقرب إلى النطق من آثار الأقلام فاستويا "وكذلك الذي صمت يوما أو يومين لعارض" لما بينا في المعتقل لسانه أن آلة النطق قائمة، وقيل هذا تفسير لمعتقل اللسان.
قال:"وإذا كانت الغنم مذبوحة وفيها ميتة فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى فيها وأكل، وإن كانت الميتة أكثر أو كانا نصفين لم يأكل" وهذا إذا كانت الحالة حالة الاختيار. أما في حالة الضرورة يحل له التناول في جميع ذلك. لأن الميتة المتيقنة تحل له في حالة الضرورة، فالتي تحتمل أن تكون ذكية أولى، غير أنه يتحرى لأنه طريق يوصله إلى الذكية في الجملة فلا يتركه من غير ضرورة. وقال الشافعي: لا يجوز الأكل في حالة الاختيار وإن كانت المذبوحة أكثر لأن التحري دليل ضروري فلا يصار إليه من غير ضرورة، ولا ضرورة لأن الحالة حالة الاختيار. ولنا أن الغلبة تنزل منزلة الضرورة في إفادة الإباحة؛ ألا ترى أن أسواق المسلمين لا تخلو عن المحرم المسروق والمغصوب ومع ذلك يباح التناول اعتمادا على الغالب، وهذا لأن القليل لا يمكن الاحتراز عنه ولا يستطاع الامتناع منه فسقط اعتباره دفعا للحرج كقليل النجاسة وقليل الانكشاف، بخلاف ما إذا كانا نصفين أو كانت الميتة أغلب لأنه لا ضرورة فيه، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.