قال:"وإذا ثبت الحق عند القاضي وطلب صاحب الحق حبس غريمه لم يعجل بحبسه وأمره بدفع ما عليه" لأن الحبس جزاء المماطلة فلا بد من ظهورها، وهذا إذا ثبت الحق بإقراره لأنه لم يعرف كونه مماطلا في أول الوهلة فلعله طمع في الإمهال فلم يستصحب المال، فإذا امتنع بعد ذلك حبسه لظهور مطله، أما إذا ثبت بالبينة حبسه كما ثبت لظهور المطل بإنكاره.
قال:"فإن امتنع حبسه في كل دين لزمه بدلا عن مال حصل في يده كثمن المبيع أو التزمه بعقد كالمهر والكفالة" لأنه إذا حصل المال في يده ثبت غناه به، وإقدامه على التزامه باختياره دليل يساره إذ هو لا يلتزم إلا ما يقدر على أدائه، والمراد بالمهر معجله دون مؤجله.
قال:"ولا يحبسه فيما سوى ذلك إذا قال إني فقير إلا أن يثبت غريمه أن له مالا فيحبسه" لأنه لم توجد دلالة اليسار فيكون القول قول من عليه الدين، وعلى المدعي إثبات غناه، ويروى أن القول لمن عليه الدين في جميع ذلك لأن الأصل هو العسرة. ويروى أن القول له إلا فيما بدله مال. وفي النفقة القول قول الزوج إنه معسر، وفي إعتاق العبد المشترك القول للمعتق، والمسألتان تؤديان القولين الأخيرين، والتخريج على ما قال في الكتاب أنه ليس بدين مطلق بل هو صلة حتى تسقط النفقة بالموت على الاتفاق، وكذا عند أبي حنيفة رحمه الله ضمان الإعتاق، ثم فيما كان القول قول المدعي إن له مالا، أو ثبت ذلك بالبينة فيما كان القول قول من عليه يحبسه شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه فالحبس لظهور ظلمه في الحال، وإنما يحبسه مدة ليظهر ماله لو كان يخفيه فلا بد من أن تمتد المدة ليفيد هذه الفائدة فقدره بما ذكره، ويروى غير ذلك من التقدير بشهر أو أربعة إلى ستة أشهر. والصحيح أن التقدير مفوض إلى رأي القاضي لاختلاف أحوال الأشخاص فيه.
قال:"فإن لم يظهر له مال خلي سبيله" يعني بعد مضي المدة لأنه استحق النظرة إلى الميسرة فيكون حبسه بعد ذلك ظلما ; ولو قامت البينة على إفلاسه قبل المدة تقبل في رواية، ولا تقبل في رواية، وعلى الثانية عامة المشايخ رحمهم الله. قال في الكتاب خلي سبيله ولا يحول