قال:"ولا تقبل شهادة الأعمى". وقال زفر رحمه الله وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله: تقبل فيما يجري فيه التسامع لأن الحاجة فيه إلى السماع ولا خلل فيه. وقال أبو يوسف والشافعي رحمهما الله: يجوز إذا كان بصيرا وقت التحمل لحصول العلم بالمعاينة، والأداء يختص بالقول ولسانه غير موف والتعريف يحصل بالنسبة كما في الشهادة على الميت. ولنا أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة، وفيه شبهة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود والنسبة لتعريف الغائب دون الحاضر فصار كالحدود والقصاص. ولو عمي بعد الأداء يمتنع القضاء عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، لأن قيام أهلية الشهادة شرط وقت القضاء لصيرورتها حجة عنده وقد بطلت وصار كما إذا خرس أو جن أو فسق، بخلاف ما إذا ماتوا أو غابوا، لأن الأهلية بالموت قد انتهت وبالغيبة ما بطلت.
قال:"ولا المملوك" لأن الشهادة من باب الولاية وهو لا يلي نفسه فأولى أن لا تثبت له الولاية على غيره "ولا المحدود في قذف وإن تاب" لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}[النور:٤] ولأنه من تمام الحد لكونه مانعا فيبقى بعد التوبة كأصله، بخلاف المحدود في غير القذف لأن الرد للفسق وقد ارتفع بالتوبة. وقال الشافعي رحمه الله تقبل إذا تاب لقوله تعالى:{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا}[النور:٥] استثنى التائب.
قلنا: الاستثناء ينصرف إلى ما يليه وهو قوله تعالى: {وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}