" وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فقد حرمت عليه لا يحل له وطؤها ولا مسها ولا تقبيلها حتى يكفر عن ظهاره " لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} إلى أن قال {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[القصص: ٣] .
والظهار كان طلاقا في الجاهلية فقرر الشرع أصله ونقل حكمه إلى تحريم موقت بالكفارة غير مزيل للنكاح وهذا لأنه جناية لكونه منكرا من القول وزورا فيناسب المجازاة عليها بالحرمة وارتفاعها بالكفارة ثم الوطء إذا حرم حرم بدواعيه كيلا يقع فيه كما في الإحرام بخلاف الحائض والصائم لأنه يكثر وجودهما فلو حرم الدواعي يفضي إلى الحرج ولا كذلك الظهار والإحرام " فإن وطئها قبل أن يكفر استغفر الله تعالى ولا شيء عليه غير الكفارة الأولى ولا يعود حتى يكفر " لقوله عليه الصلاة السلام للذي واقع في ظهاره قبل الكفارة " استغفر الله ولا تعد حتى تكفر " ولو كان شيء آخر واجبا لنبه عليه قال " وهذا اللفظ لا يكون إلا ظهارا " لأنه صريح فيه " ولو نوى به الطلاق لا يصح " لأنه منسوخ فلا يتمكن من الإتيان به.
" وإذا قال أنت علي كبطن أمي أو كفخذها أو كفرجها فهو مظاهر " لأن الظهار ليس إلا تشبيه المحللة بالمحرمة وهذا المعنى يتحقق في عضو لا يجوز النظر إليه " وكذا إذا شبهها بمن لا يحل له النظر إليها على التأبيد من محارمه مثل أخته أو عمته أو أمه من الرضاعة " لأنهن في التحريم المؤبد كالأم " وكذلك إذا قال رأسك علي كظهر أمي أو فرجك أو وجهك أو رقبتك أو نصفك أو ثلثك أو بدنك " لأنه يعبر بها عن جميع البدن ويثبت الحكم في الشائع ثم يتعدى كما بيناه في الطلاق.
" ولو قال أنت علي مثل أمي أو كأمي يرجع إلى نيته " لينكشف حكمه " فإن قال أردت الكرامة فهو كما قال " لأن التكريم بالتشبيه فاش في الكلام " وإن قال أردت الظهار فهو ظهار " لأنه تشبيه بجميعها وفيه تشبيه بالعضو لكنه ليس بصريح فيفتقر إلى النية " وإن قال أردت الطلاق فهو طلاق بائن " لأنه تشبيه بالأم في الحرمة فكأنه قال أنت علي حرام ونوى الطلاق " وإن لم تكن له نية فليس بشيء " عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لاحتمال الحمل على الكرامة وقال محمد رحمه الله يكون ظهارا لأن التشبيه بعضو منها لما كان ظهارا فالتشبيه بجميعها أولى وإن عنى به التحريم لا غير فعند