للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب القسمة]

[ينبغي للقاضي أن ينصب قاسما]

[مدخل]

...

[كتاب القسمة]

القسمة في الأعيان المشتركة مشروعة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام باشرها في المغانم والمواريث، وجرى التوارث بها من غير نكير، ثم هي لا تعرى عن معنى المبادلة، لأن ما يجتمع لأحدهما بعضه كان له وبعضه كان لصاحبه فهو يأخذه عوضا عما بقي من حقه في نصيب صاحبه فكان مبادلة وإفرازا، والإفراز هو الظاهر في المكيلات والموزونات لعدم التفاوت، حتى كان لأحدهما أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه، ولو اشترياه فاقتسماه يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بنصف الثمن.

ومعنى المبادلة هو الظاهر في الحيوانات والعروض للتفاوت حتى لا يكون لأحدهما أخذ نصيبه عند غيبة الآخر. ولو اشترياه فاقتسماه لا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة، إلا أنها إذا كانت من جنس واحد أجبر القاضي على القسمة عند طلب أحد الشركاء لأن فيه معنى الإفراز لتقارب المقاصد والمبادلة مما يجري فيه الجبر كما في قضاء الدين، وهذا لأن أحدهم بطلب القسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه ويمنع الغير عن الانتفاع بملكه، فيجب على القاضي إجابته وإن كانت أجناسا مختلفة لا يجبر القاضي على قسمتها لتعذر المعادلة باعتبار فحش التفاوت في المقاصد، ولو تراضوا عليها جاز لأن الحق لهم.

قال: "وينبغي للقاضي أن ينصب قاسما يرزقه من بيت المال ليقسم بين الناس بغير أجر" لأن القسمة من جنس عمل القضاء من حيث إنه يتم به قطع المنازعة فأشبه رزق القاضي، ولأن منفعة نصب القاسم تعم العامة فتكون كفايته في مالهم غرما بالغنم.

قال: "فإن لم يفعل نصب قاسما يقسم بالأجر" معناه بأجر على المتقاسمين، لأن النفع لهم على الخصوص، وبقدر أجر مثله كي لا يتحكم بالزيادة، والأفضل أن يرزقه من بيت المال لأنه أرفق بالناس وأبعد عن التهمة. "ويجب أن يكون عدلا مأمونا عالما بالقسمة" لأنه من جنس عمل القضاء، ولأنه لا بد من القدرة وهي بالعلم، ومن الاعتماد على قوله وهو بالأمانة "ولا يجبر القاضي الناس على قاسم واحد" معناه لا يجبرهم على أن يستأجروه لأنه لا جبر على العقود، ولأنه لو تعين لتحكم بالزيادة على أجر مثله "ولو اصطلحوا فاقتسموا جاز

<<  <  ج: ص:  >  >>