الحمد لله الذي أعلى معالم العلم وأعلامه وأظهر شعائر الشرع وأحكامه وبعث رسلا وأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين إلى سبل الحق هادين وأخلفهم علماء إلى سنن سنتهم داعين يسلكون فيما لم يؤثر عنهم مسلك الاجتهاد مسترشدين منه في ذلك وهو ولي الإرشاد وخص أوائل المستنبطين بالتوفيق حتى وضعوا مسائل من كل جلي ودقيق غير أن الحوادث متعاقبة الوقوع والنوازل يضيق عنها نطاق الموضوع واقتناص الشوارد بالاقتباس من الموارد والاعتبار بالأمثال من صنعة الرجال وبالوقوف على المآخذ يعض عليها بالنواجذ.
وقد جرى علي الوعد في مبدإ بداية المهتدي أن أشرحها بتوفيق الله تعالى شرحا أرسمه بـ كفاية المنتهى فشرعت فيه والوعد يسوغ بعض المساغ وحين أكاد أتكئ عنه اتكاء الفراغ تبينت فيه نبذا من الإطناب وخشيت أن يهجر لأجله الكتاب فصرفت العنان والعناية إلى شرح آخر موسوم بـ الهداية أجمع فيه بتوفيق الله تعالى بين عيون الرواية ومتون الدراية تاركا للزوائد في كل باب معرضا عن هذا النوع من الإسهاب مع ما أنه يشتمل على أصول ينسحب عليها فصول وأسأل الله تعالى أن يوفقني لإتمامها ويختم لي بالسعادة بعد اختتامنها حتى أن من سمت همته إلى مزيد الوقوف يرغب في الأطول والأكبر ومن أعجله الوقت عنه يقتصر على الأقصر والأصغر وللناس فيما يعشقون مذاهب والفن خير كله ثم سألني بعض إخواني أن أملي عليهم المجموع الثاني فافتتحه مستعينا بالله تعالى في تحرير ما أقاوله متضرعا إليه في التيسير لما أحاوله إنه الميسر لكل عسير وهو على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وحسبنا الله ونعم الوكيل.