قال رحمه الله:" الصوم ضربان واجب ونفل والواجب ضربان منه ما يتعلق بزمان بعينه كصوم رمضان والنذر المعين فيجوز بنية من الليل وإن لم ينو حتى أصبح أجزأته النية ما بينه وبين الزوال " وقال الشافعي رضي الله عنه لا يجزيه.
اعلم أن صوم رمضان فريضة لقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣] وعلى فرضيته انعقد الإجماع ولهذا يكفر جاحده والمنذور واجب لقوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩] وسبب الأول الشهر ولهذا يضاف إليه ويتكرر بتكرره وكل يوم سبب لوجوب صومه وسبب الثاني النذر والنية من شرطه وسنبينه ونفسره إن شاء الله تعالى وجه قوله في الخلافية قوله عليه الصلاة والسلام " لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل " ولأنه لما فسد الجزء الأول لفقد النية فسد الثاني ضرورة أنه لا يتجزأ بخلاف النفل لأنه متجزئ عنده.
ولنا قوله صلى الله عليه وسلم بعدما شهد الأعرابي برؤية الهلال "ألا من أكل فلا يأكلن بقية يومه ومن لم يأكل فليصم " وما رواه محمول على نفي الفضيلة والكمال أو معناه لم ينو أنه صوم من الليل ولأنه يوم صوم فيتوقف الإمساك في أوله على النية المتأخرة المقترنة بأكثره كالنفل وهذا لأن الصوم ركن واحد ممتد والنية لتعيينه لله تعالى فتترجح بالكثرة جنبة الوجود بخلاف الصلاة والحج لأن لهما أركانا فيشترط قرانها بالعقد على أدائهما وبخلاف القضاء لأنه يتوقف على صوم ذلك اليوم وهو النفل وبخلاف ما بعد الزوال لأنه لم يوجد اقترانها بالأكثر فترجحت جنبة الفوات ثم قال في المختصر ما بينه وبين الزوال وفي الجامع الصغير قبل نصف النهار وهو الأصح لأنه لا بد من وجود النية في أكثر النهار ونصفه من وقت طلوع الفجر إلى وقت الضحوة الكبرى لا إلى وقت الزوال فتشترط النية قبلها لتتحقق في الأكثر ولا فرق بين المسافر والمقيم عندنا خلافا لزفر رحمه الله لأنه لا تفصيل فيما ذكرنا من الدليل وهذا الضرب من الصوم يتأدى بمطلق النية وبنية النفل وبنية واجب آخر وقال الشافعي رحمه الله في نية النفل عابث وفي مطلقها له قولان لأنه بنية النفل معوض عن الفرض فلا يكون له الفرض.