قال:"الشفعة واجبة في العقار وإن كان مما لا يقسم" وقال الشافعي: لا شفعة فيما لا يقسم، لأن الشفعة إنما وجبت دفعا لمؤنة القسمة، وهذا لا يتحقق فيما لا يقسم ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:"الشفعة في كل شيء عقار أو ربع" إلى غير ذلك من العمومات، ولأن الشفعة سببها الاتصال في الملك والحكمة دفع ضرر سوء الجوار على ما مر، وأنه ينتظم القسمين ما يقسم وما لا يقسم وهو الحمام والرحى والبئر والطريق.
قال:"ولا شفعة في العروض والسفن" لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا شفعة إلا في ربع أو حائط" وهو حجة على مالك في إيجابها في السفن، ولأن الشفعة إنما وجبت لدفع ضرر سوء الجوار على الدوام، والملك في المنقول لا يدوم حسب دوامه في العقار فلا يلحق به وفي بعض نسخ المختصر ولا شفعة في البناء والنخل إذا بيعت دون العرصة وهو صحيح مذكور في الأصل، لأنه لا قرار له فكان نقليا، وهذا بخلاف العلو حيث يستحق بالشفعة ويستحق به الشفعة في السفل إذا لم يكن طريق العلو فيه، لأنه بما له من حق القرار التحق بالعقار.
قال:"والمسلم والذمي في الشفعة سواء" للعمومات ولأنهما يستويان في السبب والحكمة فيستويان في الاستحقاق، ولهذا يستوي فيه الذكر والأنثى والصغير والكبير والباغي والعادل والحر والعبد إذا كان مأذونا أو مكاتبا.
قال:"وإذا ملك العقار بعوض هو مال وجبت فيه الشفعة" لأنه أمكن مراعاة شرط الشرع فيه وهو التملك بمثل ما تملك به المشتري صورة أو قيمة على ما مر.
قال:"ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها أو يخالع المرأة بها أو يستأجر بها دارا أو غيرها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا" لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بينا، وهذه الأعواض ليست بأموال، فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع وعند الشافعي تجب فيها الشفعة لأن هذه الأعواض متقومة عنده فأمكن الأخذ بقيمتها إن تعذر بمثلها كما في البيع بالعرض، بخلاف الهبة لأنه لا عوض فيها رأسا وقوله يتأتى فيما إذا جعل شقصا من دار مهرا أو ما يضاهيه لأنه لا شفعة عنده إلا فيه ونحن نقول: إن تقوم منافع البضع في النكاح وغيرها بعقد الإجارة ضروري فلا يظهر في حق الشفعة، وكذا الدم والعتق غير متقوم لأن القيمة ما يقوم مقام