قال:"المدعي من لا يجبر على الخصومة إذا تركها والمدعى عليه من يجبر على الخصومة" ومعرفة الفرق بينهما من أهم ما يبتنى عليه مسائل الدعوى، وقد اختلفت عبارات المشايخ رحمهم الله فيه، فمنها ما قال في الكتاب وهو حد عام صحيح. وقيل المدعي من لا يستحق إلا بحجة كالخارج، والمدعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير حجة كذي اليد، وقيل المدعي من يتمسك بغير الظاهر والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر. وقال محمد رحمه الله في الأصل: المدعى عليه هو المنكر، وهذا صحيح لكن الشأن في معرفته والترجيح بالفقه عند الحذاق من أصحابنا رحمهم الله لأن الاعتبار للمعاني دون الصور، فإن المودع إذا قال رددت الوديعة فالقول له مع اليمين وإن كان مدعيا للرد صورة لأنه ينكر الضمان معنى.
قال:"ولا تقبل الدعوى حتى يذكر شيئا معلوما في جنسه وقدره" لأن فائدة الدعوى الإلزام بواسطة إقامة الحجة، والإلزام في المجهول لا يتحقق.
"فإن كان عينا في يد المدعى عليه كلف إحضارها ليشير إليها بالدعوى"، وكذا في الشهادة والاستحلاف، لأن الإعلام بأقصى ما يمكن شرط وذلك بالإشارة في المنقول لأن النقل ممكن والإشارة أبلغ في التعريف، ويتعلق بالدعوى وجوب الحضور، وعلى هذا القضاة من آخرهم في كل عصر، ووجوب الجواب إذا حضر ليفيد حضوره ولزوم إحضار العين المدعاة لما قلنا واليمين إذا أنكره، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
قال:"وإن لم تكن حاضرة ذكر قيمتها ليصير المدعى معلوما" لأن العين لا تعرف بالوصف، والقيمة تعرف به وقد تعذر مشاهدة العين. وقال الفقيه أبو الليث: يشترط مع بيان القيمة ذكر الذكورة والأنوثة.
قال:"وإن ادعى عقارا حدده وذكر أنه في يد المدعى عليه وأنه يطالبه به" لأنه تعذر التعريف بالإشارة لتعذر النقل فيصار إلى التجديد فإن العقار يعرف به، ويذكر الحدود