للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بطل بالحجر والعجز والافتراق، ولا فرق بين العلم وعدمه لأن هذا عزل حكمي فلا يتوقف على العلم كالوكيل بالبيع إذا باعه الموكل.

قال: "وإذا مات الوكيل أو جن جنونا مطبقا بطلت الوكالة" لأنه لا يصح أمره بعد جنونه وموته "وإن لحق بدار الحرب مرتدا لم يجز له التصرف إلا أن يعود مسلما".

قال رضي الله عنه: وهذا عند محمد، فأما عند أبي يوسف لا تعود الوكالة. لمحمد أن الوكالة إطلاق لأنه رفع المانع. أما الوكيل يتصرف بمعان قائمة به وإنما عجز بعارض اللحاق لتباين الدارين، فإذا زال العجز والإطلاق باق عاد وكيلا. ولأبي يوسف أنه إثبات ولاية التنفيذ، لأن ولاية أصل التصرف بأهليته وولاية التنفيذ بالملك وباللحاق لحق بالأموات وبطلت الولاية فلا تعود كملكه في أم الولد والمدبر. ولو عاد الموكل مسلما وقد لحق بدار الحرب مرتدا لا تعود الوكالة في الظاهر. وعن محمد أنها تعود كما قال في الوكيل. والفرق له على الظاهر أن مبنى الوكالة في حق الموكل على الملك وقد زال وفي حق الوكيل على معنى قائم به ولم يزل باللحاق.

قال: "ومن وكل آخر بشيء ثم تصرف بنفسه فيما وكل به بطلت الوكالة" وهذا اللفظ ينتظم وجوها: مثل أن يوكله بإعتاق عبده أو بكتابته فأعتقه أو كاتبه الموكل بنفسه أو يوكله بتزويج امرأة أو بشراء شيء ففعله بنفسه أو يوكله بطلاق امرأته فطلقها الزوج ثلاثا أو واحدة وانقضت عدتها أو بالخلع فخالعها، بنفسه لأنه لما تصرف بنفسه تعذر على الوكيل التصرف فبطلت الوكالة، حتى لو تزوجها بنفسه وأبانها لم يكن للوكيل أن يزوجها منه لأن الحاجة قد انقضت، بخلاف ما إذا تزوجها الوكيل وأبانها له أن يزوج الموكل لبقاء الحاجة، وكذا لو وكله ببيع عبده فباعه بنفسه، فلو رد عليه بعيب بقضاء قاض؛ فعن أبي يوسف رحمه الله أنه ليس للوكيل أن يبيعه مرة أخرى لأن بيعه بنفسه منع له من التصرف فصار كالعزل. وقال محمد رحمه الله: له أن يبيعه مرة أخرى لأن الوكالة باقية لأنه إطلاق والعجز قد زال، بخلاف ما إذا وكله بالهبة فوهب بنفسه ثم رجع لم يكن للوكيل أن يهب لأنه مختار في الرجوع فكان ذلك دليل عدم الحاجة. أما الرد بقضاء بغير اختياره فلم يكن دليل زوال الحاجة، فإذا عاد إليه قديم ملكه كان له أن يبيعه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>