" المعاني الناقضة للوضوء كل ما يخرج من السبيلين " لقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}[النساء:٤٣] وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحدث قال: " ما يخرج من السبيلين " وكلمة ما عامة فتتناول المعتاد وغيره " والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا إلى موضع يلحقه حكم التطهير والقي ملء الفم " وقال الشافعي رحمه الله: الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قاء فلم يتوضأ ولأن غسل غير موضع الإصابة أمر تعبدي فيقتصر على مورد الشرع وهو المخرج المعتاد ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: " الوضوء من كل دم سائل " وقوله عليه الصلاة والسلام: " من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته مالم يتكلم " ولأن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة وهذا القدر في الأصل معقول والاقتصار على الأعضاء الأربعة غير معقول لكنه يتعدى ضرورة تعدي الأول غير أن الخروج إنما يتحقق بالسيلان إلى موضع يلحقه حكم التطهير وبملء الفم في القيء لأن بزوال القشرة تظهر النجاسة في محلها فتكون بادية لا خارجة بخلاف السبيلين لأن ذلك الموضع ليس بموضع النجاسة فيستدل بالظهور على الانتقال والخروج وملء الفم أن يكون بحال لا يمكن ضبطه إلا بتكلف لأنه يخرج ظاهرا فاعتبر خارجا وقال زفر رحمه الله تعالى قليل الفيء وكثيره سواء وكذا لا يشترط السيلان عنه اعتبارا بالمخرج المعتاد ولإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: " القلس حدث " ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: " ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا " وقول علي رضي الله تعالى عنه حين عد الأحداث جملة أو دسعة تملأ الفم وإذا تعارضت الأخبار يحمل ما رواه الشافعي رحمه الله على القليل وما رواه زفر رحمه الله على الكثير والفرق بين المسلكين قد بيناه ولو قاء متفرقا بحيث لو جمع يملأ الفم فعند أبي يوسف رحمه الله يعتبر اتحاد المجلس وعند محمد رحمه الله يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان ثم مالا يكون حدثا لا يكون نجسا يروى ذلك عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وهو الصحيح لأنه ليس بنجس حكما حيث لم تنتقض به الطهارة " وهذا إذا قاء مرة أو طعاما أو ماء فإن قاء بلغما فغير ناقض " عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله: ناقض إذا كان ملء الفم والخلاف في المرتقى من الجوف أما النازل من الرأس فغير ناقض بالاتفاق لأن الرأس ليس بموضع النجاسة لأبي يوسف رحمه الله أنه نجس بالمجاورة