قال:" اللقطة أمانة إذا أشهد الملتقط أنه يأخذها ليحفظها ويردها على صاحبها " لأن الأخذ على هذا الوجه مأذون فيه شرعا بل هو الأفضل عند عامة العلماء وهو الواجب إذا خاف الضياع على ما قالوا وإذا كان كذلك لا تكون مضمونة عليه وكذلك إذا تصادقا أنه أخذها للمالك لأن تصادقهما حجة في حقهما فصار كالبينة ولو أقر أنه أخذها لنفسه يضمن بالإجماع لأنه أخذ مال غيره بغير إذنه وبغير إذن الشرع وإن لم يشهد الشهود عليه وقال الآخذ أخذته للمالك وكذبه المالك يضمن عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا يضمن والقول قوله لأن الظاهر شاهد له لاختياره الحسبة دون المعصية ولهما أنه أقر بسبب الضمان وهو أخذ مال الغير وادعى ما يبرئه وهو الأخذ لمالكه وفيه وقع الشك فلا يبرأ وما ذكر من الظاهر يعارضه مثله لأن الظاهر أن يكون المتصرف عاملا لنفسه ويكفيه في الإشهاد أن يقول من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه علي واحدة كانت اللقطة أو أكثر لأنه اسم جنس قال " فإن كانت أقل من عشرة دراهم عرفها أياما وإن كانت عشرة فصاعدا عرفها حولا ".
قال العبد الضعيف وهذه رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وقوله أياما معناه على حسب ما يرى وقدره محمد رحمه الله في الأصل بالحول من غير تفصيل بين القليل والكثير وهو قول مالك والشافعي رحمهما الله لقوله عليه الصلاة والسلام " من التقط شيئا فليعرفه سنة من غير فصل " وجه الأول أن التقدير بالحول ورد في لقطة كانت مائة دينار تساوي ألف درهم والعشرة وما فوقها في معنى الألف في تعلق القطع به في السرقة وتعلق استحلال الفرج به وليست في معناها في حق تعلق الزكاة فأوجبنا التعريف بالحول احتياطا وما دون العشرة ليس في معنى الألف بوجه ما ففوضنا إلى رأي المبتلى به وقيل الصحيح أن شيئا من هذه المقادير ليس بلازم ويفوض إلى رأي الملتقط يعرفها إلى أن يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها