قال:"الشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا يسقط بالشبهة" وهذا استحسان لشدة الحاجة إليها، إذ شاهد الأصل قد يعجز عن أداء الشهادة لبعض العوارض، فلو لم تجز الشهادة على الشهادة أدى إلى إتواء الحقوق، ولهذا جوزنا الشهادة على الشهادة وإن كثرت، إلا أن فيها شبهة من حيث البدلية أو من حيث إن فيها زيادة احتمال، وقد أمكن الاحتراز عنه بجنس الشهود فلا تقبل فيما تندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص.
"وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين". وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز إلا الأربع على كل أصل اثنان لأن كل شاهدين قائمان مقام شاهد واحد فصارا كالمرأتين.
ولنا قول علي رضي الله عنه: لا يجوز على شهادة رجل إلا شهادة رجلين، ولأن نقل شهادة الأصل من الحقوق فهما شهدا بحق ثم شهدا بحق آخر فتقبل. "ولا تقبل شهادة واحد على شهادة واحد" لما روينا، وهو حجة على مالك رحمه الله، ولأنه حق من الحقوق فلا بد من نصاب الشهادة.
"وصفة الإشهاد أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع: اشهد على شهادتي أني أشهد أن فلان بن فلان أقر عندي بكذا وأشهدني على نفسه" لأن الفرع كالنائب عنه فلا بد من التحميل والتوكيل على ما مر، ولا بد أن يشهد كما يشهد عند القاضي لينقله إلى مجلس القضاء "وإن لم يقل أشهدني على نفسه جاز" لأن من سمع إقرار غيره حل له الشهادة وإن لم يقل له اشهد "ويقول شاهد الفرع عند الأداء أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا وقال لي اشهد على شهادتي بذلك" لأنه لا بد من شهادته، وذكر شهادة الأصل وذكر التحميل، ولها لفظ أطول من هذا وأقصر منه، وخير الأمور أوسطها. "ومن قال أشهدني: فلان على نفسه لم يشهد السامع على شهادته حتى يقول له اشهد على شهادتي" لأنه لا بد من التحميل، وهذا ظاهر عند محمد رحمه الله لأن القضاء عنده بشهادة الفروع والأصول جميعا حتى اشتركوا في الضمان عند الرجوع، وكذا عندهما لأنه لا بد من نقل شهادة الأصول ليصير حجة فيظهر تحميل ما هو حجة.
قال:"ولا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن يموت شهود الأصل أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا أو يمرضوا مرضا لا يستطيعون معه حضور مجلس الحاكم" لأن جوازها للحاجة، وإنما تمس عند عجز الأصل وبهذه الأشياء يتحقق العجز. وإنما اعتبرنا السفر لأن المعجز بعد المسافة ومدة السفر بعيدة حكما حتى أدير عليها عدة من الأحكام فكذا سبيل