للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الوكالة بالخصومة والقبض]

قال: "الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض" عندنا خلافا لزفر. هو يقول رضي بخصومته والقبض غير الخصومة ولم يرض به. ولنا أن من ملك شيئا ملك إتمامه وإتمام الخصومة وانتهاؤها بالقبض، والفتوى اليوم على قول زفر رحمه الله لظهور الخيانة في الوكلاء، وقد يؤتمن على الخصومة من لا يؤتمن على المال، ونظيره الوكيل بالتقاضي يملك القبض على أصل الرواية لأنه في معناه وضعا، إلا أن العرف بخلافه وهو قاض على الوضع والفتوى على أن لا يملك.

قال: "فإن كانا وكيلين بالخصومة لا يقبضان إلا معا" لأنه رضي بأمانتهما لا بأمانة أحدهما، واجتماعهما ممكن بخلاف الخصومة على ما مر.

قال: "والوكيل بقبض الدين يكون وكيلا بالخصومة عند أبي حنيفة رحمه الله" حتى لو أقيمت عليه البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده، وقالا: لا يكون خصما وهو، رواية الحسن عن أبي حنيفة لأن القبض غير الخصومة، وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي في الخصومات فلم يكن الرضا بالقبض رضا بها. ولأبي حنيفة رحمه الله أنه وكله بالتملك لأن الديون تقضى بأمثالها، إذ قبض الدين نفسه لا يتصور إلا أنه جعل استيفاء العين حقه من وجه، فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة والرجوع في الهبة والوكيل بالشراء والقسمة والرد بالعيب، وهذه أشبه بأخذ الشفعة حتى يكون خصما قبل القبض كما يكون خصما قبل الأخذ هنالك. والوكيل بالشراء لا يكون خصما قبل مباشرة الشراء، وهذا لأن المبادلة تقتضي حقوقا وهو أصيل فيها فيكون خصما فيها.

قال: "والوكيل بقبض العين لا يكون وكيلا بالخصومة" بالاتفاق لأنه أمين محض، والقبض ليس بمبادلة فأشبه الرسول "حتى أن من وكل وكيلا بقبض عبد له فأقام الذي هو في يده البينة أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب" وهذا استحسان، والقياس أن يدفع إلى الوكيل لأن البينة قامت لأعلى خصم فلم تعتبر. وجه الاستحسان أنه خصم في قصر يده لقيامه مقام الموكل في القبض فتقصر يده حتى لو حضر البائع تعاد البينة على البيع، فصار كما إذا أقام البينة على أن الموكل عزله عن ذلك فإنها تقبل في قصر يده كذا هذا.

قال: "وكذلك العتاق والطلاق وغير ذلك" ومعناه إذا أقامت المرأة البينة على الطلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>